الأمر التاسع اختصاص القاعدة بالشك الحادث الظاهر من أدلة التجاوز أن الشك الذي لا يعتنى به هو الشك الحادث بعد التجاوز، فلو كان باقيا من قبل لا يكون مشمولا للأدلة (1)، ويتفرع عليه أنه لو شك قبل العمل في الطهارة مع كونه مسبوقا بالحدث، فغفل ودخل في العمل، ثم تنبه، فإن احتمل بعد العمل حصول الطهارة بعد الشك والغفلة قبل العمل، فلا إشكال في جريان القاعدة، لأنه شك حادث بعد العمل، وإن لم يحتمل فلا تجري، لأنه شك موجود في النفس، حاصل قبل العمل، وإن كان مغفولا عنه، ومقتضى قاعدة الاشتغال إعادة الصلاة.
ولا يجري الاستصحاب في حال الغفلة عن الشك (2)، لأن حجية الاستصحاب متوقفة على الشك الفعلي الذي يكون ملتفتا إليه، ليكون الاستصحاب مستندا للفاعل في عمله، كما هو الشأن في كلية الحجج عقلا، فلا يكون الاستصحاب حجة وجاريا في حال الغفلة عن الشك أو اليقين.
ولو شك في الطهارة مع كونه عالما بسبقها فصلى، فزال العلم، يأتي فيه الوجهان المتقدمان: من جريان القاعدة مع احتماله بعد العمل إيجاد الطهارة قبل العمل في حال الشك في الحدث، وعدمه مع عدمه.
ويمكن أن يفصل في المقامين بين ما إذا صار الشك مذهلا رأسا، بحيث يقال في الشك الحاصل بعده: إنه شك حادث، فيقال بجريان القاعدة، وعدم جريان الاستصحاب، وبين ما إذا غفل عن شكه مع كونه موجودا في