مما لا إشكال فيه، فإنه استصحاب الفرد المشكوك فيه، ولا شباهة له باستصحاب الفرد المردد، فسبيل الجواب عن مثل الشبهة العبائية هو ما عرفت (1).
القسم الثالث من استصحاب الكلي وأما الثالث: وهو ما إذا كان الشك في بقاء الكلي لاحتمال قيام فرد آخر مقام الفرد المعلوم ارتفاعه فيتصور على وجهين:
أحدهما: ما إذا كان منشأ الشك احتمال مقارنة فرد لوجود الفرد المعلوم، بحيث احتمل اجتماعها في الوجود.
وثانيهما: ما إذا كان منشؤه احتمال حدوث فرد مقارنا لزوال الفرد المعلوم، سواء كان الفرد الآخر من الجواهر أو الاعراض، فإذا احتمل مقارنة فرد من السواد في جسم مع الفرد الآخر في جسم آخر علم زواله، فهو من القسم الأول، وإذا احتمل حدوث فرد منه مقارنا لزوال ذلك الفرد، فهو من القسم الثاني، كما أنه إذا احتمل تبدل الفرد الزائل بفرد آخر مباين له في الوجود، فهو من القسم الثاني أيضا.
وأما احتمال تبدل مرتبة من العرض - الذي فيه عرض عريض ونقص وكمال - بمرتبة أخرى، فهو ليس من القسم الثالث رأسا، لأن شخصية الفرد وهويته باقية في جميع المراتب عقلا وعرفا، فالحمرة الشديدة إذا صارت ضعيفة ليس تبدلها من الكمال إلى النقص تبدل فرد بفرد آخر، أما عقلا فواضح عند أهله (2).
وأما عرفا فلأن المراتب عندهم في أمثالها من قبيل الحالات والشؤون للشئ، فشدة الحمرة وضعفها من حالات نفس الحمرة مع بقائها ذاتا وتشخصا، فالاستصحاب في مثلها من القسم الأول لا الثالث.