إلى المجهول في باب القضاء، وتزاحم الحقوق، لا مطلقا، وفي كشف كل مجهول، خصوصا مع ورود تلك الروايات الكثيرة في ذلك بخصوصه.
كما أن الفقهاء على ذلك أيضا. فهذا شيخ الطائفة شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه قال في كتاب القضاء من " النهاية " في باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة في ذيل بعض القضايا المشكلة: وكل أمر مشكل مجهول يشتبه الحكم فيه فينبغي أن يستعمل فيه القرعة، لما روي عن أبي الحسن موسى وعن غيره من آبائه وأبنائه، ثم ذكر رواية محمد بن حكيم (1).
ومعلوم: وأن مراده من كل أمر مشكل مجهول يشتبه فيه الحكم هو الحكم في موارد القضاء ورفع الأمر إلى القاضي في التنازع وتزاحم الحقوق، لا مطلق الحكم الشرعي، كما هو واضح بأدنى تأمل.
وفي " الخلاف " في تعارض البينات بعد اختياره القرعة قال: دليلنا إجماع الفرقة على أن القرعة تستعمل في كل أمر مجهول مشتبه (2).
وفيه أيضا دعوى الاجماع ظاهرا على أن القرعة في كل أمر مجهول، حيث قال في مسألة ما إذا حضر أثنان عند الحاكم معا في حالة واحدة: إن القرعة مذهبنا في كل أمر مجهول (3).
ومراده من كل أمر مجهول هو ما ذكرنا لا مطلقا، لقضاء الاجماع، بل الضرورة بأن القرعة ليست في مطلق المجهولات، كالجهل بالأحكام الشرعية في مقام الفتوى، وكاشتباه الموضوعات كالإناءين المشتبهين، واشتباه القبلة وأشباهها، فدعوى كون القرعة مذهبنا في كل أمر مجهول تدل بالضرورة على ما ادعيناه.