حقيقته: " أنها الشك في بقاء الشئ المسبوق باليقين به، أو اليقين الملحوق بالشك " فيكون ما جعله الشارع حجة على الواقع هو اليقين السابق الغير الكاشف عن الكون اللاحق أو الشك المسبوق به، كما أن ما جعله حجة عليه في باب الاحتياط في الأعراض والنفوس - بناء على وجوبه (1) - هو الاحتمال.
وبما ذكرنا: يتضح النظر في كثير مما ذكره الأعلام في المقام، فإنك ترى أن من جعل الاستصحاب أصلا عمليا ووظيفة عملية للشاك يبحث عن حجيته (2).
ومن جعله حجة على الواقع عرفه: " بأنه الحكم بإبقاء ما كان " (3).
ومن عرفه: " بأنه الإبقاء العملي، ويكون فعلا للمكلف " يجعله من المسائل الأصولية، ويبحث عن حجيته (4).
وهذه مناقضات وقعت في كلامهم، وعليك بالتأمل التام في المقام.
وقد اتضح أيضا مما ذكرنا: أنه لا يمكن تعريفه بشئ يكون موردا للنقض والإبرام على جميع المسالك، لعدم الجامع بينها، فإن من جعله أصلا عمليا لا بد وأن يجعل الشك موضوعا، ويقول: إنه وظيفة للشاك عند قصور اليد عن الواقع، ومن جعله أمارة على الواقع لا بد وأن لا يعتبر الشك على نحو الموضوعية، وهما مما لا يجتمعان.
وكذا لا جامع بين القول بالطريقية والأمارية على الواقع، وبين القول بأنه حجة على الواقع وأصل كأصل الاحتياط، فمن أراد تعريفه بجامع تجتمع عليه الأقوال المتقابلة فقد أخطأ الغرض، إلا أن يراد بالجامع الغرض منه على بعض الاعتبارات.
وينبغي التنبيه على أمرين: