وبالجملة: إن التأمل في الصحيحة صدرا وذيلا مما يشرف بالفقيه على القطع بأن اليقين في الكبرى هو اليقين المحقق الفعلي المتعلق بالشئ في الزمان السابق، لا المقدر المفروض في زمان الشك.
وبما ذكرنا: يظهر النظر في كلام بعض أعاظم العصر في تقريبه الثاني: من أن صدق نقض اليقين بالشك يتوقف على أن يكون زمان الشك مما تعلق به اليقين في زمان حدوثه، وهو منحصر في الشك في الرافع (1).
لما عرفت: من أن الظاهر من الرواية، هو اليقين المتعلق بالحالة السابقة المتحقق فعلا، لا اليقين الآخر.
مضافا: إلى أن ما ذكره غير تام في نفسه، لأن اليقين في الشك في الرافع قد لا يتعلق في أول حدوثه بما تعلق به الشك، وفي الشك في المقتضي قد يكون كذلك.
تقريب آخر لشمول الأدلة للشك في المقتضي هاهنا بيان آخر لشمول الأدلة للشك في المقتضي: وهو أن الكبرى الكلية المجعولة في باب الاستصحاب ظاهرة في أن اليقين من حيث هو - بلا دخالة شئ آخر - لا ينقض بالشك من حيث هو شك كذلك، ضرورة ظهور أخذ كل عنوان في حكم في أنه تمام الموضوع له بنفسه، من غير دخالة شئ آخر وراءه، ورفع اليد عن هذا الظهور لا يجوز إلا بصارف.
فحينئذ نقول: الأمر دائر بين أمور:
الأول: أن يكون عدم انتقاض اليقين بالشك باعتبار مبادئ حصولهما في النفس.