بلحاظ الأثر الفعلي المتحقق بنفس الجعل، فتدبر.
وأما المقام الثاني: أي مقام الإثبات والدلالة، فلابد لاتضاح حاله من تقديم مقدمة:
وهي أنه لابد في كون شئ أمارة جعلية - أي جعل الشارع شيئا أمارة وطريقا إلى الواقع - من أمور:
الأول: أن يكون له في ذاته جهة كشف وطريقية، فإن ما لا يكون له جهة الكشف أصلا لا يليق للأمارية والكاشفية.
الثاني: أن لا يكون بنفسه أمارة عقلية أو عقلائية، فإن الواجد للأمارية لا معنى لجعله أمارة، فإنه من قبيل تحصيل الحاصل وإيجاد الموجود.
الثالث: أن تكون العناية في جعله إلى الكاشفية والطريقية وتتميم الكشف.
في عدم قيام الأمارات العقلائية مقام القطع مطلقا إذا عرفت ذلك: فاعلم أن الأمارات المتداولة على ألسنة أصحابنا المحققين كلها من الأمارات العقلائية التي يعمل بها العقلاء في معاملاتهم وسياساتهم وجميع أمورهم، بحيث لو ردع الشارع عن العمل بها لاختل نظام المجتمع ووقفت رحى الحياة الاجتماعية، وما هذا حاله لا معنى لجعل الحجية له وجعله كاشفا محرزا للواقع بعد كونه كذلك عند كافة العقلاء، وها هي الطرق