وإن شئت قلت: إن موضوع قوله: " الحكم مستمر " هو طبيعة الحكم بنحو الإهمال، ويكون المحمول دالا على استمراره وبقائه، فإذا شك في مهملة الحكم الذي هو موضوع للقضية فلا يمكن إثباته بالمحمول، لأن الحكم بنحو الاهمال اخذ مفروض الوجود، وأما إذا علم أصل وجود الحكم، وشك في بقائه واستمراره، فلا يكون ذلك شكا في الحكم، بل في استمراره، ولا يكون استمرار الحكم موضوعا لاستمراره بالضرورة، فما كشف عن حاله هو استمرار الحكم وهو ليس بموضوع، وما هو موضوع وهو نفس الحكم ليس هو كاشفا عنه ومثبتا له.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الحق هو التمسك بإطلاق دليل العام أو عمومه كلما شك في خروج ما زاد على القدر المتيقن عن حكم العام في الزمان المتأخر.
تقرير التفصيل بين الخروج من الأول والأثناء نعم قد يقال: إن مقتضى ما ذكرت من أن العموم والإطلاق الزمانيين سواء كانا مستفادين من مثل قوله: " أكرم العلماء في كل زمان " أو " أوفوا بالعقود مستمرا " أو من مقدمات الحكمة متفرعان على العموم الأفرادي، وأن محط التخصيص الأفرادي غير محط التخصيص والتقييد الزمانيين هو التفصيل بين ما إذا خرج في أول الزمان وشك في خروجه مطلقا أو في زمان، وبين ما إذا خرج في الأثناء مع العلم بدخوله قبل زمان الخروج، فيتمسك بالاستصحاب في الأول، وبعموم الدليل أو إطلاقه في الثاني، لأن الأمر في الأول دائر بين التخصيص الفردي، وبين التخصيص الزماني أو تقييد الإطلاق، فيكون من قبيل العلم الاجمالي بورود تخصيص، إما في العام الفوقاني فلا يكون مخالفة للعام التحتاني، وإما في العام التحتاني فلا يكون مخالفة للعام الفوقاني، أو يكون