الفاضل والمفضول من المجتهدين، فإن الخلفاء الأربعة كانوا أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم، ولهذا قال عليه السلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ. وقال عليه السلام: أقضاكم علي وأفرضكم زيد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل).
(وكان فيهم العوام، ومن فرضه الاتباع للمجتهدين والاخذ بقولهم لا غير، ومع ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة والسلف، تكليف العوام الاجتهاد في أعيان المجتهدين، ولا أنكر أحد منهم اتباع المفضول والاستفتاء له مع وجود الأفضل، ولو كان ذلك غير جائز، لما جاز من الصحابة التطابق على عدم إنكاره والمنع منه، ويتأيد ذلك بقوله (عليه السلام): أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ولولا إجماع الصحابة على ذلك لكان القول بمذهب الخصوم أولى (1)).
وهذا الاستدلال لا يتم صغرى وكبرى.
أما من حيث الصغرى، فلان اثبات الاجماع والتطابق، لا يتم بمجرد عدم النقل لما هو معروف بالبداهة من أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، بل يحتاج إلى نص على عدم الخلاف من معاصريهم، أو الاطلاع على واقعهم التأريخي تفصيلا ليصح نسبة الاتفاق إليهم، وهو ما لم يدون أكثره ولا يمكن بلوغه بحال.
وأما من حيث الكبرى فلان هذا الاجماع - لو تم وتمت حجيته - فهو لا يعدو كونه من الأدلة اللبية التي لا اطلاق فيها ليشمل صورة المختلفين في الحكم، والقدر المتيقن هو صورة الاتفاق فيه أو عدم العلم بالاختلاف على الأقل.
على أنا نشك ان العوام في صدر الاسلام كانوا لا يفرقون بين علي