والأشبه معين عند الله (1))، (لكن المجتهد لم يكلف بإصابته، فلذلك كان مصيبا وان أخطأ ذلك المعين الذي لم يؤمر بإصابته (2)).
وقد وجهت هذه الإصابة بان الامارة عند ما تقوم على حكم تخلق في متعلقه مصلحة مزاحمة لمصلحة الواقع أو مفسدة كذلك وتتغلب عليها على نحو يرتفع حكم المصلحة الواقعية للمزاحمة، ويبقى الحكم الناتج عن الامارة، ويكون مفاد الحجية المجعولة للامارة هو اعتبارها سببا في تبديل الواقع المستلزم لتبدل الحكم تبعا له.
وهذا القول - بناء على هذا التوجيه - يرجع إلى القول الأول لانتهائه إلى القول بعزل الأحكام الواقعية من طريق المزاحمة.
ويرد عليه:
1 - ان الامارة يستحيل ان تكون سببا في خلق مصلحة في متعلقها، لان الظنون - وهي من الحالات النفسية - لا تسري إلى الواقع الخارجي فتغيره لاختلاف مجاليهما، وليس الظن أكثر من العلم والعلم بالأشياء - إذا لم يصب الواقع - لا يبدل من حقيقة ما قام عليه، فعلمي بعدم وجود زيد مثلا لا يجعله غير موجود إذا كان في واقعه موجودا، وكذا الظن بوجود مفسدة في شئ لا يجعلها موجودة إذا كانت في واقعها غير موجودة وهكذا...
2 - ان أدلة الطرق والامارات - كما سبق فحصها - لا تفيد أكثر من اعتبارها بمنزلة العلم من حيث ترتيب الآثار عليها، والعلم لا يزيد في نظر العقلاء عن كونه كاشفا عن متعلقه، وفوائد جعلها لا تتجاوز المنجزية أو المعذرية.