لقدرة صاحبها على استنباط أية مسألة تعرض عليه، وان كان الاستنباط في بعضها لا يخلو من صعوبة على المبتدئ لابتنائه على مقدمات طويلة يحتاج استيعابها والتأمل فيها إلى جهد كبير.
والذي أظنه ان الخلط بين الملكة وإعمالها هو الذي سبب الارتباك في كلمات بعضهم.
والتجزي في مقام إعمال الملكة يكاد يكون من الضروريات، بل لا يوجد في هذا المقام اجتهاد مطلق أصلا.
ودعوى امتناعه - أعني الاجتهاد المطلق - بهذا المعنى لا تخلو من أصالة لاستحالة إعمال الملكة في جميع المسائل، حتى التي لم توجد موضوعاتها بعد، فاستيعاب جميع مسائل الفقه أمر متعذر على بشر عادي بداهة.
وحتى مع فرض امكان الاجتهاد المطلق، فالتزام صاحب الكفاية بلزوم القول بالتجزي ووجوب وجوده عادة، لا يخلو من وجه لامتناع إعمال الملكة دفعة واحدة في جميع المسائل، بل لا بد في مقام استيعابها من التدرج فيها.
وإذا تمت هذه التفرقة بين الاجتهاد كملكة، والاجتهاد في مقام إعمالها، اتضح الجواب على كل ما استدل به في هذا المورد، كاستدلال الأستاذ عمر عبد الله على لزوم التجزي بقوله: (لو لم يتجزأ الاجتهاد للزم أن يكون المجتهد عالما بجميع الاحكام، وذلك باطل قطعا، فقد سئل كثير من المجتهدين عن مسائل، فأجابوا عن بعضها ولم يجيبوا عن البعض الآخر (1)).
وهذه الملازمة انما تتم إذا أراد من الاجتهاد إعمال الملكة، ومن العلم بجميع الاحكام فعلية العلم، وإلا فمع الالتزام بكون الاجتهاد ملكة