بالوضوء المنكوس بينما يستفيد الآخرون انه تحديد للمغسول وليس فيه أية دلالة على بيان كيفية الغسل أي أنه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة فلا بد من التماس بيان الكيفية من الرجوع إلى الأدلة الأخرى كالوضوءات البيانية وغيرها.
وفي هذا القسم تنتظم جميع تلكم المناشئ التي ذكرها ابن رشد ونظائرها مما لم يتعرض له كمباحث المفاهيم والمشتقات ومعاني الحروف وما يشخص صغريات حجية العقل كباب الملازمات العقلية بما فيه من بحوث مقدمة الواجب واجتماع الأمر والنهي والاجزاء واقتضاء الامر بالشئ، على النهي عن ضده وغيرها من المباحث المهمة.
ج - أن يكون على درجة من الخبرة بأصول الاحتجاج، ومعرفة مفاهيم الحجج، وأدلتها، ومواقع تقديم بعضها على بعض، ليصح له الخوض في مجالات الموازنة بين الآراء وتقديم أقربها إلى الحجية وأقواها دليلا يقول ابن خلدون - وهو يتحدث عن (الخلافي) - ووظيفته بالطبع وظيفة المقارن من حيث الأساس -: (ولا بد لصاحبه - يعني علم الخلاف - من معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الاحكام كما يحتاج إليها المجتهد لان المجتهد يحتاج إليها للاستنباط وصاحب الخلافيات يحتاج إليها لحفظ تلك المسائل المستنبطة من أن يهدمها المخالف بأدلته (1)).
وإذا كان الخلافي يحتاج إلى الاجتهاد لحفظ مسائله والدفاع عنها فان المقارن أكثر احتياجا إليها بعد أن وفرنا له صفة القضاء والحكومة بين الآراء ومن شأن القاضي ان يحيط بحيثيات الحكم والأسس التي يرتكز عليها لدى الموازنة تمهيدا لاصدار حكمه النهائي في الموضوع.