وهكذا...، من دون فرق بين أن يكون الفعل في الواقع ومقام الثبوت ملحوظا على نحو الإطلاق والسريان، أو ملحوظا على نحو الإطلاق والعموم البدلي الذي يعبر عنه " بصرف الوجود "، أو ملحوظا على نحو الإطلاق والعموم المجموعي، ضرورة أن التكيف في جميع هذه الصور ينحل بانحلال أفراد المكلف ويتعدد بتعددها، فلا فرق بينها من هذه الناحية أبدا، فالجميع من هذه الجهة على صعيد واحد.
نعم، فرق بينها من ناحية أخرى، وهي: أن التكليف ينحل بانحلال متعلقه أيضا مع الأول دون الثاني والثالث. وسيجئ تفصيل ذلك بشكل واضح في مبحث النواهي إن شاء الله تعالى، فلاحظ.
وهذا بخلاف الواجبات الكفائية فإن المطلوب فيها واحد، ولا يتعدد بتعدد أفراد المكلف في الخارج، ولأجل ذلك وقع الكلام في تصوير ذلك، وأنه كيف يعقل أن يكون الفعل الواحد مطلوبا بطلب واحد من الجميع؟
وما قيل أو يمكن أن يقال في تصويره وجوه:
الأول: أن يقال: إن التكليف متوجه إلى واحد معين عند الله، ولكنه يسقط عنه بفعل غيره لفرض أن الغرض واحد، فإذا حصل في الخارج فلا محالة يسقط الأمر.
ويرده أولا: أن هذا خلاف ظواهر الأدلة، فإن الظاهر منها هو أن التكليف متوجه إلى طبيعي المكلف، لا إلى فرد واحد منه المعين في علم الله، كما هو واضح.
وثانيا: لو كان الأمر كذلك فلا معنى لسقوط الواجب عنه بفعل غيره. فإنه على خلاف القاعدة، فيحتاج إلى دليل، وإذا لم يكن دليل فمقتضى القاعدة عدم السقوط.
ودعوى: أن الدليل في المقام موجود لفرض أن التكليف يسقط بإتيان بعض أفراد المكلف وإن كانت صحيحة من هذه الناحية إلا أنه من المعلوم أن ذلك من ناحية أن التكليف متوجه إليه ويعمه، ولذا يستحق الثواب عليه، لا من ناحية أنه يوجب سقوط التكليف عن غيره كما هو ظاهر.
وثالثا: أن مثل هذا التكليف غير معقول، وذلك لأن المفروض أن توجه هذا