متعلق الأمر في الواجبات التعيينية ليس هو الأفراد كذلك متعلق الأمر في الواجبات التخييرية.
بقي هنا شئ، وهو: أنه هل يمكن التخيير بين الأقل والأكثر أم لا؟ وجهان.
فذهب بعضهم إلى عدم إمكانه بدعوى: أنه مع تحقق الأقل في الخارج وحصوله يحصل الغرض. فإذا يكون الأمر بالأكثر لغوا فلا يصدر من الحكيم.
وقد أجاب عنه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، وإليك نص كلامه: لكنه ليس كذلك، فإنه إذا فرض أن المحصل للغرض فيما إذا وجد الأكثر هو الأكثر لا الأقل الذي في ضمنه - بمعنى: أن يكون لجميع أجزائه حينئذ دخل في حصوله وإن كان الأقل لو لم يكن في ضمنه كان وافيا به أيضا - فلا محيص عن التخيير بينهما. إذ تخصيص الأقل بالوجوب - حينئذ - كان بلا مخصص، فإن الأكثر بحده يكون مثله على الفرض، مثل: أن يكون الغرض الحاصل من رسم الخط مرتبا على الطويل إذا رسم بماله من الحد، لا على القصير في ضمنه، ومعه كيف يجوز تخصيصه بما لا يعمه؟ ومن الواضح كون هذا الفرض بمكان من الإمكان.
إن قلت: هبه في مثل ما إذا كان للأكثر وجود واحد لم يكن للأقل في ضمنه وجود على حدة كالخط الطويل الذي رسم دفعة بلا تخلل سكون في البين، لكنه ممنوع فيما إذا كان له في ضمنه وجود: كتسبيحة في ضمن تسبيحات ثلاث، أو خط طويل رسم مع تخلل العدم في رسمه، فإن الأقل قد وجد بحده، وبه يحصل الغرض على الفرض، ومعه لا محالة يكون الزائد عليه مما لا دخل له في حصوله، فيكون زائدا على الواجب لا من أجزائه.
قلت: لا يكاد يختلف الحال بذاك، فإنه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الأقل في ضمن الأكثر، وإنما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام، ومعه كان مترتبا على الأكثر بالتمام.
وبالجملة: إذا كان كل واحد من الأقل والأكثر بحده مما يترتب عليه الغرض فلا محالة يكون الواجب هو الجامع بينهما، وكان التخيير بينهما عقليا إن كان هناك غرض واحد، وتخييرا شرعيا فيما كان هناك غرضان على ما عرفت.