على الملاك الملزم في نفسه، وأنهما من هذه الناحية على نسبة واحدة فتخصيص الوجوب بأحدهما خاصة دون الآخر لا يمكن، وكذا لا يمكن أن يكون الواجب هو أحدهما لا بعينه، وذلك لأنه بعد فرض كون الغرض في المقام متعددا لا موجب لأن يكون الواجب واحدا، مع أنه خلاف مفروض كلامه (قدس سره).
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين قد أصبحت: أنه لا مناص من الالتزام بما ذكرناه، وهو: وجوب كل من الفعلين في نفسه مع قطع النظر عن الآخر. غاية الأمر:
أن إطلاق وجوب كل منهما يقيد بعدم الإتيان بالآخر، ولازم هذا هو أن المكلف إذا ترك كليهما معا يستحق عقابين: عقابا على ترك هذا وعقابا على ترك ذاك، لفرض أن وجوب كل منهما - عندئذ - فعلي من جهة تحقق شرطه، وهو عدم الإتيان بالآخر، وهذا مما لم يلتزم به أحد.
ورابعا: أن الغرضين المزبورين لا يخلوان: من أن يمكن اجتماعهما في زمان واحد بأن تكون المضادة بين وجود أحدهما مترتبا على وجود الآخر لا مطلقا، وأن لا يمكن اجتماعهما فيه أصلا.
فعلى الأول لابد من الالتزام بإيجاب الشارع الجمع بين الفعلين أو الأفعال في زمان واحد فيما إذا تمكن المكلف منه، وإلا لفوت عليه الملاك الملزم، وهو قبيح منه. ومن الواضح أن هذا خلاف مفروض الكلام في المسألة، ومخالف لظواهر الأدلة، فلا يمكن الالتزام به أصلا.
وعلى الثاني فلازمه: هو أن المكلف إذا أتى بهما معا في الخارج وفي زمان واحد أن لا يقع شئ منهما على صفة المطلوبية. إذ وقوع أحدهما على هذه الصفة دون الآخر ترجيح من دون مرجح، ووقوع كليهما على تلك الصفة لا يمكن، لوجود المضادة بينهما، مع أنه من الواضح البديهي أن المكلف إذا أتى بهما في زمان واحد يقع أحدهما على صفة المطلوبية، ضرورة أنه إذا جمع بين طرفي الواجب التخييري أو أطرافه وأتى بها دفعة واحدة امتثل الواجب وحصل الغرض منه لا محالة، وهذا ظاهر.