أضف إلى ذلك: أن الخروج ليس عنوانا لتلك الحركات المعدة للكون في الخارج، بل هو عنوان لذلك الكون فيه، ضرورة أنه مقابل الدخول، فكما أن الدخول عنوان للكون في الداخل فكذلك الخروج عنوان للكون في الخارج. فإذا لو صدق عليه عنوان التخلية والتخلص أيضا فلا يجدي في اتصاف تلك الحركات بالوجوب كما هو واضح.
فما أفاده (قدس سره): من أن الخروج مصداق للتخلية بين المال وصاحبه لو سلمنا ذلك فلا يفيده أصلا، لأن ذلك لا يوجب كون تلك الحركات محبوبة وواجبة، لفرض أنها ليست مصداقا لها، غاية الأمر أنها - عندئذ - تكون مقدمة للواجب، ولكن عرفت أن مقدمة الواجب غير واجبة، ولا سيما إذا كانت مبغوضة.
ومن هنا يظهر: أن قياسه (قدس سره) المقام بالاضطرار إلى الجامع بين المحلل والمحرم قياس في غير محله لما عرفت: من أن الخروج ليس بواجب ليكون الاضطرار في المقام متعلقا بالجامع بين الواجب والحرام.
إلى هنا قد تبين بوضوح بطلان بقية الأقوال وصحة قول المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، وهو: أن المقام داخل في كبرى قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار (1)، وقد ظهر وجهها مما تقدم بشكل واضح فلا نعيد.
ثم إن له (قدس سره) هنا كلاما آخر، وحاصله: هو أنا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن الشارع لا يرضى بالتصرف في مال الغير بدون إذنه في حال من الحالات ولو كان ذلك بعنوان التخلية ورده إليه كالخروج عن الدار المغصوبة في المقام - كما هو ليس ببعيد - فغاية ما يوجب ذلك: هو أن يكون حال الخروج هنا حال شرب الخمر المتوقف عليه حفظ النفس المحترمة.
وبيان ذلك: هو أن الشارع بما أنه ينهى عن شرب الخمر مطلقا من أي شخص كان وفي أية حالة ولا يرضى بشربه أصلا، لما فيه من المفسدة الإلزامية فمن الطبيعي أنه لا يرضى بارتكاب المقدمة التي بها يضطر المكلف إلى شربه،