امتناع فعل الواجب في الخارج، فيدخل في مورد القاعدة كما عرفت، وفي موارد التكاليف التحريمية فعل المقدمة يوجب امتناع ترك الحرام، ففيما نحن فيه الدخول في الأرض المغصوبة يوجب امتناع الخروج تشريعا من ناحية حكم الشارع بحرمة التصرف بغيره فعلا، ويوجب سقوط النهي عنه، كما أن ترك الدخول فيها يوجب فعلية النهي عنه.
وقد تحصل من ذلك: أن ما أفاده (قدس سره) مبني على خلط مقدمة الحرام بمقدمة الواجب.
وأما الوجه الرابع: فقد ظهر بطلانه مما تقدم، وملخصه: هو أن حكم العقل بلزوم اختيار الخروج دفعا للمحذور الأهم وإن كان يستلزم كونه مقدورا للمكلف تكوينا إلا أنه لا يستلزم كونه محكوما بحكم شرعا، لعدم الملازمة بين حكم العقل بلزوم اختياره في هذا الحال وإمكان تعلق الحكم الشرعي به.
والوجه في ذلك: هو أن حكم العقل وإدراكه بأنه لابد من اختياره وإن كان كاشفا عن كونه مقدورا تكوينا إلا أنه مع ذلك لا يمكن للشارع أن ينهى عنه فعلا، وذلك لأن منشأ هذا الحكم العقلي إنما هو منع الشارع عن التصرف بغيره فعلا، الموجب لعجز المكلف عنه بقاعدة " أن الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي "، ومع ذلك لو منع الشارع عنه أيضا منعا فعليا لزم التكليف بما لا يطاق، وهو محال، فإذا لا يمكن أن يمنع عنه فعلا كما هو واضح، وهذا معنى سقوط النهي عنه وعدم إمكانه، ولكن بما أن ذلك كان بسوء اختياره وإرادته فلا ينافي العقاب، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
فما أفاده (قدس سره) من دعوى الملازمة بين وجوب الخروج بحكم العقل وكونه قابلا لتعلق التكليف به خاطئة جدا ولا واقع لها أصلا. نعم، هذه الدعوى تامة على تقدير القول بكون الخروج محكوما بالوجوب كما هو مختاره (قدس سره).
إلى هنا قد تبين: أن ما أفاده (قدس سره) من الوجوه لإثبات أن الخروج غير داخل في كبرى تلك القاعدة لا يتم شئ منها.