داخلا في كبرى قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار. ومن المعلوم أن عنوان التخلص والتخلية من العناوين المحسنة عقلا، المطلوبة شرعا من ناحية اشتمالها على مصلحة إلزامية. وأما غيره - أي: غير الخروج - من أقسام التصرف فيبقى على حرمته كما عرفت (1).
والجواب عن ذلك: أن الحركات الخروجية مضادة لعنوان التخلية والتخلص، ضرورة أن تلك الحركات تصرف في مال الغير حقيقة وواقعا، ومصداق للغصب كذلك، ومعه كيف تكون مصداقا للتخلية، لوضوح أن التخلية هي إيجاد الخلاء في المكان وهو يضاد الاشغال والابتلاء به؟
ومن الواضح جدا أن الحركات الخروجية مصداق لعنوان الإشغال والابتلاء، فكيف يصدق عليه عنوان التخلص والتخلية؟ فإنهما من العناوين المتضادة فلا يصدق أحدهما على ما يصدق عليه الآخر، بداهة أن ظرف تحقق الخلاص وإيجاد الخلاء والفراغ بين المال ومالكه حال انتهاء الحركة الخروجية، وعليه، فكيف يعقل أن تكون تلك الحركات مصداقا للتخلية ومعنونة بعنوان التخلص؟
وبكلمة أخرى: أن من يقول بهذه المقالة - أي: بكون الحركة الخروجية مصداقا للتخلص والتخلية -: إن أريد بمصداقيتها لها بالإضافة إلى أصل الغصب هنا والتصرف في مال الغير فيرد ذلك: ما عرفت الآن: من أنه ما دام في الدار سواء اشتغل بالحركات الخروجية أم لا فهو معنون بعنوان الابتلاء والاشغال بالغصب، لا بعنوان التخلص والتخلية، فهما عنوانان متضادان لا يصدقان على شئ واحد. هذا إذا كان عنوان التخلص عنوانا وجوديا وعبارة عن إيجاد الفراغ والخلاء بين المال وصاحبه، كما هو الصحيح.
وأما إذا فرض أنه عنوان عدمي وعبارة عن ترك الغصب فيكون - عندئذ - نقيضا لعنوان الابتلاء، ومن الطبيعي استحالة صدق أحد النقيضين على ما يصدق عليه الآخر.