بداهة أنه (قدس سره) لا يفرق في جريان هذه القاعدة بين التكاليف الوجوبية والتكاليف التحريمية، لعدم الموجب له أبدا، وهذا واضح.
وأما من ناحية وجوبه فعلى ما يراه (قدس سره) من أنه واجب شرعا من جهة دخوله في موضوع قاعدة وجوب رد المال إلى مالكه فالأمر كما أفاده، لوضوح أنه من هذه الناحية غير داخل في القاعدة، لعدم الملاك له قبل إيجاد مقدمته وهي الدخول ليفوت منه ذلك بترك هذه المقدمة، ليستحق العقاب على تفويته إذا كان باختياره. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: أنه بعد إيجاد مقدمته بالاختيار لا يفوت منه الواجب على الفرض ليستحق العقاب على تفويته فإذا لا يمكن أن يكون الخروج من هذه الناحية داخلا في كبرى القاعدة. ولكن سنبين عن قريب - إن شاء الله تعالى - أن هذه الناحية ممنوعة، وأن الخروج ليس بواجب شرعا وإنما هو واجب بحكم العقل، بمعنى: أن العقل يدرك أن المكلف لابد له من اختياره، ولا مناص عنه من ناحية حكم الشارع بحرمة البقاء فيها فعلا. وعليه، فلا وجه لخروجه عن موضوع القاعدة.
أضف إلى ذلك: أنه على فرض تسليم وجوبه وإن كان خارجا عنه إلا أنه لا شبهة في دخوله فيه من ناحية تحريمه كما عرفت. فإذا لا وجه لإصراره (قدس سره) لخروجه عنه إلا غفلته عن هذه الناحية كما أشرنا إليه آنفا.
وأما الوجه الثالث: فيرد عليه: أنه مبني على الخلط بين مقدمة الواجب ومقدمة الحرام، والغفلة عن نقطة ميزهما.
بيان ذلك هو: أن إيجاد المقدمة في موارد التكاليف الوجوبية يوجب قدرة المكلف على إتيان الواجب وامتثاله وصيرورته قابلا لأن يتوجه إليه التكليف فعلا. وأما في موارد التكاليف التحريمية فترك المقدمة يوجب قدرة المكلف على ترك الحرام.
وعلى هذا، ففي موارد التكاليف الوجوبية ترك المقدمة المزبورة يوجب