اجتمع فيها الوجوب مع الكراهة مرة: كما في الصلاة في الحمام والصلاة في مواضع التهمة ونحوهما. والاستحباب معها مرة أخرى كما في النوافل المبتدأة.
ومن الواضح جدا: أن وقوع شئ في الخارج أدل دليل على إمكانه وجوازه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن الأحكام الخمسة بأسرها متضادة: إما من ناحية المبدأ، أو من ناحية المنتهى، والجامع: هو أنه لا يمكن اجتماع اثنين منها في شئ واحد، فكما أنه لا يمكن اجتماع الوجوب والحرمة في شئ واحد فكذلك لا يمكن اجتماع الوجوب والكراهة فيه... وهكذا.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أن من وقوع اجتماع الوجوب والكراهة في شئ واحد يكشف عن أنه لا مانع من اجتماع مطلق الأمر والنهي فيه، سواء أكانا إلزاميين أم لا.
ثم إن المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) قد عد من أمثلة ذلك الصيام في السفر (1).
وغير خفي أن الصوم في السفر ليس مثالا لمحل الكلام هنا.
والوجه في ذلك: هو أنه ليس بمأمور به في غير الموارد المستثناة، لا وجوبا ولا استحبابا ليلزم اجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الكراهة، ضرورة أنه غير مشروع في ما عدا تلك الموارد، والإتيان به بقصد الأمر تشريع ومحرم. فإذا لا وجه لعده من أمثلة المقام. وأما في موارد استثنائه كما إذا نذر الصوم في السفر فليس بمكروه ليلزم اجتماع الوجوب مع الكراهة.
وقد أجاب المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) عن هذا الدليل بوجهين: الأول:
بالاجمال، والثاني: بالتفصيل.
أما جوابه الإجمالي فإليك نصه: (فبأنه لابد من التصرف والتأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع، ضرورة أن الظهور لا يصادم البرهان، مع أن قضية ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان