نعم، الذي لا يمكن انتزاع شئ منه هو العدم المطلق، لا العدم المضاف، فإنه ذو أثر شرعا وعرفا كما هو واضح.
وكيف كان، فإذا فرض أن الترك ملازم لعنوان وجودي ذي مصلحة أقوى من مصلحة الفعل - لا محالة - يكون الترك أرجح منه، فلا فرق - عندئذ - بين هذه الصورة والصورة الأولى، أعني: ما كان العنوان الراجح منطبقا على الترك، غاية الأمر أن الطلب المتعلق بالترك في هذه الصورة ليس طلبا حقيقيا، بل هو بالعرض والمجاز، إذ أنه في الحقيقة متعلق بذلك العنوان الراجح الملازم له، وهذا بخلاف الطلب المتعلق به في الصورة الأولى كما مر.
وقد تحصل مما ذكرناه: أن المصلحة الموجودة في صوم يوم عاشوراء - مثلا - ليست بأنقص من المصلحة الموجودة في صوم بقية الأيام بما هو صوم، غاية الأمر أن المصلحة الموجودة في تركه حقيقة أو عرضا أرجح منها، ولأجل ذلك يكون تركه أرجح من فعله، وعندئذ فالنهي المتعلق به كما يمكن أن يكون بمعنى طلب الترك يمكن أن يكون إرشادا إلى أرجحية الترك من الفعل: إما لأجل انطباق العنوان الراجح عليه، أو لأجل ملازمته له وجودا خارجا.
وعليه، فيكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين. وبما أن الترك أرجح فيقدم على الفعل، كما يظهر ذلك من مداومة الأئمة (عليهم السلام) على الترك، ولذا لم ينقل منهم (عليهم السلام) ولو بطريق ضعيف أنهم (عليهم السلام) صاموا في يوم عاشوراء، كما أن سيرة المتشرعة قد استمرت على ذلك من لدن زمانهم (عليهم السلام) إلى زماننا هذا. هذا تمام ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره).
وقد أورد عليه شيخنا الأستاذ (قدس سره) بما حاصله: أنه إذا فرض اشتمال كل من الفعل والترك على مصلحة فبما أنه يستحيل تعلق الأمر بكل من النقيضين في زمان واحد - لا محالة - يكون المؤثر في نظر الآمر إحداهما على فرض كونها أقوى وأرجح من الأخرى، وعلى تقدير التساوي تسقط كلتاهما معا عن التأثير، ضرورة استحالة تعلق الطلب التخييري بالنقيضين، فإنه طلب الحاصل.