وعلى هذا الضوء يستحيل كون كل من الفعل والترك مطلوبا فعلا.
وبكلمة أخرى: أن فرض اشتمال كل من الفعل والترك على مصحلة يوجب التزاحم بين المصلحتين في مقام تأثيرهما في جعل الحكم، لا التزاحم بين الحكمين في مرحلة الامتثال، لما عرفت من استحالة جعل الحكمين للمتناقضين مطلقا، أي: سواء كان تعيينيا أو تخييريا.
ومن هذا القبيل الضدين الذين لا ثالث لهما، فإنه لا يمكن جعل الحكم لكليهما معا، لا على نحو التعيين ولا على نحو التخيير. أما الأول فلأنه تكليف بالمحال. وأما الثاني فلأنه طلب الحاصل.
ومن هذا القبيل أيضا المتلازمين الدائميين، فإنه لا يمكن جعل الحكمين المختلفين لهما بأن يجعل الوجوب لأحدهما والحرمة للآخر، لا تعيينا ولا تخييرا، لاستلزام الأول التكليف بالمحال، والثاني طلب الحاصل.
فالنتيجة من ذلك قد أصبحت: أن المزاحمة لا تعقل بين أمرين متناقضين كالفعل والترك، ولا بين ضدين لا ثالث لهما، ولا بين متلازمين دائميين على الشكل المتقدم، بل هذه الموارد جميعا داخلة في كبرى باب التعارض كما هو ظاهر.
ولأجل ذلك قد تصدى (قدس سره) بجواب آخر، وبنى ذلك الجواب على مقدمة، وهي: أنه لا شبهة في أن الأمر الناشئ من قبل النذر المتعلق بعبادة مستحبة:
كصلاة الليل أو نحوها متعلق بعين ما تعلق به الأمر الاستحبابي. ونتيجة ذلك - لا محالة -: هي اندكاك الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي، لاستحالة أن يكون كل من الأمرين محفوظا بحده بعد ما كان متعلقهما واحدا، ولازم الاندكاك والاتحاد هو اكتساب كل منهما من الآخر جهة: فالأمر الوجوبي يكتسب جهة التعبدية من الأمر الاستحبابي، والأمر الاستحبابي يكتسب جهة اللزوم من الأمر الوجوبي، فيتحصل من اندكاك أحدهما في الآخر أمر واحد وجوبي عبادي.
والوجه في ذلك: ما أشرنا إليه: من أنه إذا كان متعلق كل من الأمرين عين ما