فعلى الأول: يكون الواجب هو الأقل، وهو المطلق من حيث تقيده بعدم وقوعه في هذا الثوب وعدم تقيده به.
وعلى الثاني: يكون هو الأكثر، وهو المقيد بعدم وقوعه في هذا الثوب المشكوك فيه.
وبما أنا لا نعلم أن الواجب في المقام هو الأقل أو الأكثر فيدخل في تلك المسألة، ويبتنى القول بالرجوع إلى البراءة أو الاحتياط فيه على القول بالرجوع إلى البراءة أو الاحتياط فيها، وحيث إنا قد اخترنا في تلك المسألة جريان أصالة البراءة عن وجوب الأكثر - الشرعية والعقلية - فنقول بها في المقام أيضا.
وقد تقدم ملخصا: أن ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من التفصيل بين البراءة الشرعية والعقلية لا يرجع إلى معنى صحيح.
ويترتب على ما ذكرناه: أنه لا مانع من الصلاة في هذا الثوب المشتبه المردد بين كونه من المأكول أو غيره. ومن هنا يظهر الحال في الصورة الثالثة أيضا، لأن مرجع الشك فيها أيضا - عندئذ - إلى الشك في انطباق الواجب - وهو الصلاة في مفروض الكلام - على هذا الفرد المأتي به في الخارج - وهو الصلاة في هذا الثوب المشتبه - وعدم انطباقه عليه.
فعلى الأول يكون الواجب هو الأقل، يعني: الطبيعي اللابشرط.
وعلى الثاني: يكون هو الأكثر، يعني: الطبيعي بشرط شئ، وحيث إنا لا نعلم أن الواجب هو الأقل أو الأكثر فيدخل في كبرى تلك المسألة. وقد عرفت أن المختار فيها على وجهة نظرنا هو: جريان أصالة البراءة عن التقييد، لأنه كلفة زائدة، ولم يقم برهان عليها، فعندئذ لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عنه العقلية والشرعية. وكذا الحال فيما نحن فيه.
وقد تحصل من ذلك: أنه لا فرق بين الصورة الثانية والصورة الثالثة من هذه الناحية أصلا، فإن المقام على كلتا الصورتين داخل في كبرى تلك المسألة ويكون من صغرياتها.