فعلى الأول: المطلوب هو صرف الترك، وهو يحصل بترك فرد ما من الطبيعة في الخارج، فيكون حاله حال ما إذا كان المطلوب هو صرف الوجود.
وعلى الثاني: المطلوب هو كل ترك من تروكها على نحو الاستقلال، بحيث يكون كل منها متعلقا للحكم مستقلا مع قطع النظر عن تعلق الحكم بالآخر، فحاله من هذه الناحية حال ما إذا كان المطلوب هو إيجاد الطبيعة على نحو الإطلاق والانحلال.
وعلى الثالث: المطلوب هو مجموع التروك من حيث هو بطلب واحد شخصي، بحيث يكون تعلق الحكم بكل منها مربوطا بتعلقه بالآخر، فيكون حاله حال الصورة الثالثة من هذه الناحية.
وعلى الرابع: المطلوب هو ذلك العنوان البسيط، وأما التروك الخارجية فهي محصلة له، فيكون حاله من هذه الجهة حال الصورة الرابعة.
ثم إنه لا يخفى أن مرد هذه الصور الأربع جميعا إلى إيجاب الترك، كما أن مرد الصور الأربع الأولى إلى إيجاب الفعل، ولا يرجع شئ من تلك الصور إلى المنع عن الفعل وحرمته واقعا وإن فرض ورود الدليل عليه بصورة النهي.
والوجه في ذلك واضح، وهو ما ذكرناه من أن النهي عن شئ ينشأ عن اشتماله على مفسدة لزومية، وهي تدعو المولى إلى اعتبار حرمان المكلف عنه، ولا ينشأ عن مصلحة كذلك في تركه. وإلا لزم أن يكون تركه واجبا، لا أن يكون فعله حراما، ضرورة أنه لا مقتضي لاعتبار حرمان المكلف عنه أصلا بعد ما لم تكن فيه مفسدة أصلا، بل اللازم عندئذ هو اعتبار تركه في ذمته من جهة اشتماله على مصلحة ملزمة.
وهذا بخلاف النهي الوارد في المقام، فإنه غير ناش عن مفسدة في الفعل، بداهة أنه لا مفسدة فيه أصلا بل نشأ عن قيام مصلحة في تركه، وهي داعية إلى إيجابه واعتباره في ذمة المكلف.
وبكلمة واضحة: أن المولى كما يعتبر الفعل على ذمة المكلف باعتبار اشتماله