الوضوء والغسل العباديان - قد تحققت. وكذا لا إشكال في صحة التيمم بداعي أمره النفسي قبل دخول الوقت والاكتفاء به بعده إذا بقي موضوعه وهو عدم وجدان الماء. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه لا شبهة في صحة الإتيان بها - أي: الطهارات الثلاث - بقصد التوصل إلى الواجب بعد الوقت، وإنما الكلام في صحة الإتيان بها بعده بقصد أمرها الاستحبابي، لما قد يتوهم من اتصافها بالوجوب الغيري بعد دخول الوقت، ولازمه اندكاك الأمر الاستحبابي النفسي في ضمن الأمر الوجوبي الغيري وعدم بقائه حتى يكون داعيا للإتيان بها.
وأجاب عن ذلك السيد الطباطبائي (قدس سره) في عروته: بأنه لا مانع من اجتماع الوجوب الغيري والاستحباب النفسي في شئ واحد من جهتين بناء على ما اختاره (قدس سره) من جواز اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد من جهتين (1)، وبما أن في المقام الجهة متعددة فإن جهة الوجوب الغيري - وهي المقدمية - غير جهة الاستحباب النفسي وهي ذوات الأفعال، وعليه فلا مانع من اجتماعهما، ولا يوجب ذلك اندكاك الاستحباب في الوجوب.
وغير خفي أن تعدد الجهة إنما يجدي في جواز اجتماع الأمر والنهي إذا كانت الجهة تقييدية، وأما إذا كانت تعليلية كما في المقام فلا أثر لتعددها أصلا.
والصحيح في الجواب: هو ما أشرنا إليه في ضمن البحوث السالفة: من أن عروض الوجوب الغيري على ما كان مستحبا في نفسه بناء على نظريتنا لا يوجب اندكاك الاستحباب وتبدله بالوجوب، بل هو باق على محبوبيته وملاكه الكامنين في الفعل، وإنما يرفع حده وهو الترخيص في الترك، وعليه فإذا أتى المكلف بها بداعي المحبوبية فقد تحققت العبادة (2).