لفرض أن ترتب وجوده عليها قد اعتبر قيدا لها، وعلى هذا يلزم كون وجوب الواجب النفسي ناشئا من وجوب المقدمة وهو يستلزم الدور، فإن وجوب المقدمة على الفرض إنما نشأ من وجوب ذي المقدمة، فلو نشأ وجوبه من وجوبها لدار.
وأما الثاني: فلأن الواجب لو كان خصوص المقدمة الموصلة فبطبيعة الحال كانت ذات المقدمة من مقدمات تحققها في الخارج، نظرا إلى أن ذاتها مقومة لها ومقدمة لوجودها، فعندئذ إن كان الواجب هو ذات المقدمة على الإطلاق لزم خلاف ما التزم به (قدس سره) من اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة. وإن كان هو الذات المقيدة بالإيصال إليها ننقل الكلام إلى ذات هذا المقيد بالإيصال..، وهكذا فيذهب إلى ما لا نهاية له (1).
فالنتيجة: أنه لا يمكن القول بأن الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة.
ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده (قدس سره).
أما الدور فيرد عليه: أن الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة غير ناش من وجوب المقدمة كي يتوقف اتصافه به على وجوبها.
نعم، الواجب النفسي على هذا بما أنه مقدمة للواجب الغيري بما هو كذلك فبطبيعة الحال يعرض عليه الوجوب الغيري على نحو الترتب الطبعي، بمعنى: أن الواجب أولا هو ذو المقدمة بوجوب نفسي، ثم مقدمته بوجوب غيري، ثم أيضا ذو المقدمة لكن بوجوب غيري، وعليه فلا يلزم الدور من اختصاص الوجوب بخصوص المقدمة الموصلة، وإنما يلزم اجتماع الوجوب النفسي والغيري في شئ واحد وهو ذو المقدمة، وهذا مما لا محذور فيه أصلا، حيث إن مرده إلى اندكاك أحدهما في الآخر وصيرورتهما حكما واحدا آكد.
وأما التسلسل فيرد عليه: أن ذات المقيد وإن كانت مقومة له إلا أن نسبته إليه ليست نسبة المقدمة إلى ذيها لننقل الكلام إليه ونقول إنها واجبة مطلقا أو مقيدة بالإيصال، وحيث إن الأول خلاف الفرض فالثاني يستلزم الذهاب إلى ما لا نهاية