له، بل نسبته إليه نسبة الجزء إلى المركب، إذ على هذا القول المقدمة تكون مركبة من جزءين: أحدهما: ذات المقيد، والآخر: تقيدها بقيد، وهو وجود الواجب في الخارج، كما هو الحال في كل واجب مقيد بقيد، سواء أكان وجوبه نفسيا أم كان غيريا، وعلى هذا فلا يبقى موضوع للقول بأن ذات المقيد هل هي واجبة مطلقا أو مقيدة بالإيصال؟ هذا كله على تقدير تسليم كون الواجب النفسي قيدا للواجب الغيري.
والتحقيق في المقام أن يقال: إن الالتزام بوجوب المقدمة الموصلة لا يستدعي اعتبار الواجب النفسي قيدا للواجب الغيري أصلا، والسبب في ذلك: هو أن الغرض من التقييد بالإيصال إنما هو الإشارة إلى أن الواجب إنما هو حصة خاصة من المقدمة، وهي الحصة الواقعة في سلسلة العلة التامة لوجود الواجب النفسي دون مطلق المقدمة.
وبكلمة أخرى: أن المقدمات الواقعة في الخارج على نحوين:
أحدهما: ما كان وجوده في الخارج ملازما لوجود الواجب فيه، وهو ما يقع في سلسلة علة وجوده.
وثانيهما: ما كان وجوده مفارقا لوجوده فيه، وهو ما لا يقع في سلسلتها.
فالقائل بوجوب المقدمة الموصلة إنما يدعي وجوب خصوص القسم الأول منهما دون القسم الثاني، وعليه فلا يلزم من الالتزام بهذا القول كون الواجب النفسي قيدا للواجب الغيري، فإذا لا موضوع لإشكال الدور أو التسلسل أصلا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن قضية الارتكاز والوجدان تقتضي وجوب خصوص هذا القسم الملازم لوجود الواجب في الخارج، بداهة أن من اشتاق إلى شراء اللحم - مثلا - فلا محالة يحصل له الشوق إلى صرف مال واقع في سلسلة مبادئ وجوده لا مطلقا، ولذا لو فرض أن عبده صرف المال في جهة أخرى لا في طريق امتثال أمره بشراء اللحم لم يعد ممتثلا للأمر الغيري، بل يعاقبه على صرف المال في تلك الجهة، إلا إذا كان معتقدا بأن صرفه في هذا الطريق يؤدي إلى امتثال