للتقييد كذلك لا يمكن لنفي مدلوله الالتزامي، وذلك لأن كلا منهما طرف للعلم الإجمالي، من دون خصوصية في ذلك لأحدهما، وعليه فبطبيعة الحال يقع التكاذب بين الإطلاقين بالإضافة إلى كل منهما.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة: وهي بطلان الدعاوى المتقدمة وعدم واقع موضوعي لشئ منها، وأنها جميعا تقوم على أساس عدم تنقيح ما هو محل النزاع في المقام.
بيان ذلك: أما ما ادعاه شيخنا الأنصاري (قدس سره) من استلزام تقييد الهيئة تقييد المادة فهو مبتن على أساس تخيل أن المراد من تقييد المادة هو عدم وقوعها على صفة المطلوبية إلا بعد تحقق قيد الهيئة. وقد تقدم أن هذا المعنى ليس المراد من تقييدها، بل المراد منه معنى آخر (1) وقد سبق أنه لا ملازمة بينه وبين تقييد الهيئة أصلا (2).
وأما ما ادعاه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في خصوص القرينة المنفصلة فمبني على توهم أن تقييد الهيئة وإن لم يستلزم تقييد المادة إلا أنه يوجب بطلان محل الإطلاق فيها، وهو كتقييدها في الأثر، ولكن قد ظهر مما ذكرناه خطأ هذا التوهم، وأن تقييد الهيئة كما لا يستلزم تقييد المادة كذلك لا يوجب بطلان محل الإطلاق فيها (3) وعليه فالعلم الإجمالي بوجود القرينة المنفصلة الدالة على تقييد أحدهما لا محالة يوجب سقوط كلا الإطلاقين عن الاعتبار، بعد ما عرفت من عدم مزية لأحدهما على الآخر.
وأما ما ادعاه شيخنا الأستاذ (قدس سره) فهو مبتن على أساس أن تقييد المادة متيقن، وتقييد الهيئة يحتاج إلى خصوصية زائدة ومؤنة أكثر، ولكن قد تقدم فساد ذلك، وأن تقييد كل منهما يحتاج إلى خصوصية مباينة لخصوصية الآخر، فليس في البين قدر متيقن، ولا فرق في ذلك بين موارد القرينة المتصلة وموارد القرينة المنفصلة (4).