الصبيان أحكام الصلاة ونحوها قبل البلوغ، إذ لو قلنا بعدم وجوبه عليهم كما هو الصحيح وستجئ الإشارة إليه (1) - فلازمه جواز تفويت الصلاة أول بلوغهم مقدارا من الزمن يتمكنون من التعلم فيه، ولا يمكن الالتزام بوجوب التعلم من ناحية سبق وجوب الصلاة أو نحوها على البلوغ وإن قلنا بإمكان الواجب المعلق، وذلك لفرض عدم التكليف على الصبيان.
فالنتيجة: أن الإشكال في المقدمات المفوتة في أمثال هذه الموارد، وأنه كيف يمكن الحكم بوجوبها مع عدم وجوب ذيها؟ وقبل التعرض لدفع الإشكال وبيان الأقوال فيه ينبغي تقديم أمرين:
الأول: أن ما اشتهر بين الأصحاب: من " أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وينافيه خطابا " في غاية الصحة والمتانة، فلو اضطر الإنسان نفسه باختياره إلى ارتكاب محرم - كما لو دخل في الأرض المغصوبة، أو ألقى نفسه من شاهق، أو ما شاكل ذلك - فعندئذ وإن كان التكليف عنه ساقطا لكونه لغوا صرفا بعد فرض خروج الفعل عن اختياره، وأما عقابه فلا قبح فيه أصلا - وذلك لأن هذا الاضطرار حيث إنه منته إلى الاختيار - فلا يحكم العقل بقبحه أبدا.
وناقش في هذه القاعدة طائفتان:
فعن أبي هاشم المعتزلي: أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وخطابا (2)، وكان للمولى في المثالين المذكورين أن ينهى عن التصرف في مال الغير بدون إذنه، ويأمر بحفظ نفسه، بدعوى: أنه لا مانع من التكليف بغير المقدور إذا كان مستندا إلى سوء اختياره. ويظهر اختيار هذا القول من المحقق القمي (3) (قدس سره) أيضا.
وفي مقابل هذا القول ادعى جماعة منافاته للاختيار عقابا وخطابا. أما الخطاب فهو واضح، لأنه لغو صرف. وأما العقاب فلأنه عقاب على غير مقدور وهو قبيح عقلا.