المعلوم أن ما هو خارج عن إطار قدرته فلا يمكن تعلقها به، وفعل الغير من هذا القبيل، وكذا فعل الإنسان نفسه إذا كان متأخرا زمنا، وعليه فلا يمكن الالتزام بتعلق هذه الإرادة بفعل الغير في مقام الطلب.
أو فقل: إن الآمر لا يخلو من أن يكون هو الله تعالى، أو غيره، فعلى كلا التقديرين لا يمكن تعلقها به.
أما على الأول: وإن أمكن للباري - عز وجل - أن يوجد الفعل عن الغير لعموم قدرته إلا أن ذلك ينافي اختيار العبد، بداهة أن الفعل عندئذ يوجد بإرادته تعالى وإعمال قدرته فلا معنى حينئذ لتوجيه التكليف إليه.
وأما على الثاني: فمن جهة أن فعل الغير خارج عن قدرة الإنسان فلا معنى لإعمال قدرته بالإضافة إليه. ومن هنا ذكرنا: أنه لا معنى لتقسيم الإرادة إلى:
التكوينية والتشريعية، بداهة أنا لا نعقل للإرادة التشريعية معنى في مقابل الإرادة التكوينية. وقد سبق الإشارة إلى هذه النواحي بشكل مفصل فلاحظ.
وإن أراد بالطلب جعل الحكم واعتباره، أي: اعتبار شئ على ذمة المكلف، حيث إن حقيقة الطلب - كما ذكرناه سابقا - هي التصدي نحو حصول الشئ في الخارج (1)، وقد ذكرنا: أنه على نحوين: أحدهما: التصدي الخارجي، وثانيهما:
التصدي الاعتباري، والاعتبار المذكور المبرز في الخارج مصداق للثاني نظرا إلى أن الشارع تصدى نحو حصول الفعل من الغير باعتباره على ذمته وإبرازه في الخارج بمبرز كصيغة الأمر أو ما شاكلها (2) فإن أراد (قدس سره) به ذلك فهو وإن كان فعليا دائما - سواء كان المعتبر أيضا كذلك، أو كان أمرا استقباليا - إلا أنه أجنبي عن محل الكلام رأسا، فإن محل الكلام إنما هو في رجوع القيد إلى المعتبر، وعدم رجوعه إليه، لا إلى الاعتبار نفسه، ضرورة أن الاعتبار والإبراز غير قابلين للتقييد والتعليق أصلا.