منها، وهي الحصة الواقعة بعد زوال الشمس.
وعلى جميع التقادير: فالطلب فعلي ومطلق، والمطلوب مقيد، من دون فرق بين كونه اختياريا أو غير اختياري (1).
فالنتيجة: أن ما ذكرناه من رجوع القيد بشتى ألوانه إلى المادة أمر وجداني لا ريب ولا مناقشة فيه.
والجواب عنه: أنه (قدس سره) إن أراد من الطلب في كلامه الشوق النفساني فالأمر وإن كان كما أفاده، حيث إن تحقق الشوق النفساني المؤكد تابع لتحقق مبادئه من التصور والتصديق ونحوهما في أفق النفس، ولا يختلف باختلاف المشتاق إليه في خارج أفقها من ناحية الإطلاق والتقييد تارة، ومن ناحية كون القيد اختياريا وعدم كونه كذلك أخرى، ومن ناحية كون القيد أيضا موردا للشوق وعدم كونه كذلك ثالثة، بل ربما يكون القيد مبغوضا في نفسه، ولكن المقيد به مورد للطلب والشوق وذلك كالمرض - مثلا - فإنه رغم كونه مبغوضا للإنسان المريض فمع ذلك يكون شرب الدواء النافع مطلوبا له وموردا لشوقه، إن أراد هذا فالأمر وإن كان كذلك إلا أنه ليس من مقولة الحكم في شئ، بداهة أنه أمر تكويني نفساني حاصل في أفق النفس من ملائمتها (النفس) لشئ أو ملائمة إحدى قواها له، فلا صلة بينه وبين الحكم الشرعي أبدا. كيف؟ فإن الحكم الشرعي أمر اعتباري، فلا واقع موضوعي له ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار، وهو أمر تكويني فله واقع موضوعي، وحصوله تابع لمبادئه من إدراك أمر ملائم لإحدى القوى النفسانية.
وإن أراد من الطلب في كلامه (قدس سره) الإرادة بمعنى الاختيار فيرد عليه: أنه لا يتعلق بفعل الغير حتى نبحث عن أن القيد راجع إليه أو إلى متعلقه، بل قد ذكرنا في مبحث الطلب والإرادة (2): أنه لا يتعلق بفعل نفسه في ظرف متأخر فضلا عن فعل الغير. والسبب في ذلك: ما تقدم (3) بشكل موسع من أن الإرادة بهذا المعنى إنما تعقل في الأفعال المقدورة للإنسان التي يستطيع أن يعمل قدرته فيها، ومن