محاضرات في أصول الفقه - آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض - ج ٢ - الصفحة ٣٢١
الحمام يرضى في نفسه رضى فعليا بالاستحمام لكل شخص على شرط أن يدفع بعد الاستحمام وحين الخروج مقدار الأجرة المقررة من قبله، فالرضي من المالك فعلي والشرط متأخر.
ومن ضوء هذا البيان يظهر فساد ما أفاده المحقق النائيني (قدس سره): من أن الموضوع في القضايا الحقيقية بما أنه اخذ مفروض الوجود فيستحيل تحقق الحكم وفعليته قبل فعلية موضوعه بقيوده (1).
توضيح الفساد: ما عرفت من أنه كما يمكن أخذ الموضوع مفروض الوجود في ظرف مقارن للحكم أو متقدم عليه كذلك يمكن أخذه مفروض الوجود في ظرف متأخر عنه، وعليه فلا محالة تتقدم فعلية الحكم على فعلية موضوعه (2).
فالنتيجة في نهاية المطاف: هي أن شرائط الحكم عبارة عن قيود الموضوع المأخوذة مفروضة الوجود في الخارج، من دون فرق بين كونها مقارنة للحكم، أو متقدمة عليه، أو متأخرة عنه، وليس لها أي دخل وتأثير في نفس الحكم أصلا.
ومن هنا قلنا: إن إطلاق الشروط والأسباب عليها مجرد اصطلاح بين الأصحاب كما مر (3).
وأما المقام الثاني - وهو مقام الإثبات - فلا شبهة في أن الشرط المتأخر على خلاف ظواهر الأدلة التي تتكفل جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقية، فإن

(١) انظر فوائد الأصول: ج ١ ص ٢٧٧.
(٢) في أجود التقريرات ج ١ ص ١٣٣ قال (قدس سره): (التحقيق أن يقال: إن الفعل المقيد بقيد اختياري أو غير اختياري على نحو يكون القيد خارجا والتقيد داخلا لا تكون القدرة عليه متوقفة على أن يكون قيده أيضا مقدورا، فالتوجه إلى القبلة - مثلا - بما أنه حصة خاصة من كلي التوجه ربما يكون مقدورا، مع أن قيده - وهو نفس وجود القبلة - خارج عن الاختيار.
ودعوى كون القبلة فيما أمر بالتوجه إليها شرطا للتكليف من دون تقيد متعلق التكليف بها تستلزم جواز التوجه إلى غير القبلة في مقام الامتثال، وهو واضح البطلان، فلا مناص من أخذ التقيد بها في المأمور به وتعلق الوجوب بالحصة الخاصة المقدورة للمكلف، ولو لم يكن نفس القيد مقدورا فالميزان في جواز التكليف بالمقيد هو كون المقيد بما هو مقيد مقدورا، سواء كان القيد مقدورا أو لم يكن).
(3) راجع ص 319.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست