وهذا بخلاف الإطلاق البدلي فإن ثبوته يتوقف على مقدمة أخرى زائدا على المقدمات المذكورة، وهي إحراز تساوي أفراده من الخارج في الوفاء بالغرض، ومن الطبيعي أنه لا يمكن إحراز ذلك مع وجود العام الشمولي على خلافه، حيث إنه يكون صالحا لبيان التعيين في بعض الأفراد وأشدية الملاك فيه، ومعه لا ينعقد الإطلاق البدلي.
والجواب عنه: أن إحراز التساوي في الوفاء بالغرض ليس مقدمة رابعة في قبال المقدمات الثلاث المتقدمة لكي يتوقف الإطلاق عليها، ضرورة أنه يتحقق بنفس تلك المقدمات من دون حاجة إلى شئ آخر، ومن المعلوم أنه إذا تحقق فهو بنفسه كاف لإثبات التساوي في ذلك بلا حاجة إلى دليل آخر.
وبكلمة أخرى: إذا كان الحكم ثابتا على الطبيعة على نحو صرف الوجود من دون ملاحظة وجود خاص وكان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة على الخلاف فبطبيعة الحال كان إطلاق كلامه قرينة على تساوي أفرادها في الوفاء بالملاك والغرض، إذ لو كان بعض أفرادها أشد ملاكا من غيره ومشتملا على خصوصية زائدة لكان على المولى البيان فمن عدم بيانه نستكشف عدم الفرق وعدم التفاوت بينها في ذلك.
ومما يدلنا على هذا: أن المكلف لو شك في صلاحية فرد في الوفاء بغرض المولى تمسك بالإطلاق لإثبات ذلك، فإذا الاطلاقان متكافئان ومتعارضان فلا وجه لتقديم الشمولي على البدلي.
الثالث: أن حجية الإطلاق البدلي بالإضافة إلى جميع الأفراد تتوقف على أن لا يكون هناك مانع عن انطباقه على بعضها دون بعضها الآخر، بداهة أنه لو كان هناك مانع عن ذلك فلابد من رفع اليد عنه وتقييده بغيره. ومن المعلوم أن الإطلاق الشمولي في مورد التصادق والاجتماع صالح لأن يكون مانعا منه، فلو توقف عدم صلاحيته للمانعية على وجود الإطلاق البدلي وانطباقه على ذلك لزم الدور.