يوم عرفة، وهذا لا ينافي كون الملاك فيه تاما من حين تحقق الاستطاعة بحيث لو تمكن المكلف من جر يوم عرفة إلى الآن لكان عليه أن يحج.
وعلى الجملة: فالقيد في أمثال هذه الموارد يرجع إلى الواجب دون الوجوب، فالوجوب حالي والواجب استقبالي.
فالنتيجة: أن الملاك إذا كان تاما فالوجوب فعلي، سواء أكان الواجب أيضا كذلك أم كان استقباليا.
ومرة أخرى يكون ذا ملاك في ظرف متأخر لا فعلا، بمعنى: أن ملاكه لا يتم إلا بعد مجئ زمان خاص، أو تحقق أمر زماني في ظرف متأخر، ففي مثل ذلك لا يعقل أن يكون الوجوب المتعلق به فعليا، بل لا محالة يكون تقديريا، أي: معلقا على فرض تحقق ما له دخل في الملاك، بداهة أن جعل الوجوب فعلا لما لا يكون واجدا للملاك كذلك لغو محض فلا يمكن صدوره عن المولى الحكيم، إذ مرده إلى عدم تبعية الحكم للملاك.
وعلى الجملة: مضافا إلى ذلك: الوجدان أصدق شاهد على عدم وجود البعث الفعلي في أمثال هذه الموارد.
ولتوضيح ذلك نأخذ مثالا، وهو: أن المولى إذا التفت إلى الماء - مثلا - فقد يكون عطشه فعلا، وعندئذ فبطبيعة الحال يأمر عبده بإحضار الماء، أي: يعتبر على ذمته إحضاره كذلك، فيكون المعتبر كالاعتبار فعليا، وقد يكون عطشه فيما بعد ففي مثله - لا محالة - يعتبر على ذمة عبده إحضار الماء في ظرف عطشه، لا قبل ذلك، لعدم الملاك له، فالاعتبار فعلي، والمعتبر - وهو كون إحضار الماء على ذمة العبد - أمر متأخر، حيث إنه على تقدير حصول العطش، والمفروض عدم حصوله بعد، ومن الطبيعي أن في مثل ذلك لو رجع القيد إلى المادة وكان المعتبر كالاعتبار فعليا لكان لغوا صرفا وبلا ملاك ومقتض، ومرجعه إلى عدم تبعية الحكم للملاك، وهو خلف.
فالنتيجة: أن الحكم الشرعي يختلف باختلاف القيود الدخيلة في ملاكه، فقد