نعم، لا بد وأن يكون النهي تنزيهيا في هذه الصورة، أو تحريميا، فإنه يمكن دعوى عدم اجتماعه مع الأمر المقارن مع الرضا القلبي غير القابل للاجتماع مع النهي التنزيهي، أو التحريمي، ومن هنا يظهر إمكان جريان النزاع في مورد جعل الحلية لعنوان، وجعل الحرمة لعنوان آخر يتصادقان على واحد.
وأما النهي الإرشادي غير التكليفي المتعلق بعنوان، والأمر الإيجابي أو الاستحبابي المتعلق بعنوان آخر، فهو بلا مثال وإن كان يمكن فرضه، كما في مثل النهي عن بيع الحشرات، بناء على فساده شرعا ولو أمكن صحته عرفا، وأمر الوالد بالبيع، فإن قضية وجوب إطاعته، تتنافى مع قضية عدم وجوب الوفاء بالبيع وعدم رضا الشرع بتلك المعاملة، ويلزم اجتماع النهي الإرشادي مع الأمر، فإنه - ولولا يخلو من المناقشة مثالا - لا يصح، لما أن دليل وجوب الإطاعة مقيد بما ورد من أنه " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (1) بل النهي الإرشادي معناه عدم وجوب الوفاء، ولا يستفاد منه عدم الرضا الملازم للبغض كما لا يخفى، وعدم وجوب الوفاء لا يزاحم اقتضاء الأمر المذكور، فتأمل.
فبالجملة: في جانب الأمر الإرشادي يستكشف الرضا المنافي للتحريم، وأما في جانب النهي الإرشادي فلا يستكشف البغض والكراهة، بل مفاده النهي عن عدم ترتب الأثر شرعا وعدم وجوب الوفاء.
الجهة الثالثة: في شمول النزاع لجميع أنحاء الإيجاب والتحريم لا يختص النزاع بالإيجاب والتحريم الخاصين، بل الظاهر جريانه في جميع أنحاء الإيجابات والتحريمات النفسية والغيرية، والعينية والكفائية، والتعيينية