ثانيتها: لا يتصور النزاع بين الإيجاب والتحريم التخييريين، لأن معنى الوجوب التخييري هو إيجاب الجامع بين شيئين، ومعنى الحرمة التخييرية هو تحريم الجمع بين الشيئين، والمكلف يتمكن من الجمع بينهما بالضرورة، فلا تنافى بحسب مقام الجعل، ولا بحسب مقام الامتثال.
أقول: هذا ما يستظهر من كلمات بعض المعاصرين (1) - مد ظله - وأنت خبير بما فيه من المفاسد:
فأولا: إن إمكان الامتثال لا يورث الخروج، وإلا فيلزم مع وجود المندوحة خروج جميع الفروض عن حريم النزاع، وهو غير ملتزم باشتراط المندوحة في صحة النزاع (2).
وثانيا: إن الواجب التخييري فرع وجوب آخر لا يرجع إلى الوجوب التعييني، ولا يكون في مورد الإيجاب التخييري مصلحة قائمة بالجامع، بل يمكن أن يكون بكل واحد من الطرفين مصلحة خاصة، إلا أن الشرع - مراعاة للتسهيل والسياسة - اكتفى بالواحد، ولم يوجبها تعيينا.
فعلى هذا نقول: التحريم التخييري يتصور على وجهين كما مر:
أحدهما: ما يكون المصداق الأول محرما، والثاني مباحا.
ثانيهما: عكس ذلك، وهو أن المصداق الأول يكون مباحا، والثاني محرما (3).
فإن كان المالك رضي بالتصرف في إحدى الدارين فقط، وحرم التصرف في الأخرى، فإن كان معناه أن الدخول الأول محرم، فلو صلى صلاة الجمعة المتحدة