قلت: قضية أدلة وجوب الوفاء بالعقد وأدلة نفوذ التجارات، هو أن كل معاملة خارجية واجبة الوفاء ونافذة، فتلك الأدلة متعرضة لحال المعاملة بعد فرض وجودها، وبعد فرض كونها خارجية، ضرورة أن مفاهيمها بما هي هي ليست موضوعة لحكم إيجابي، والتفصيل في محله.
ومقتضى أدلة تحريم القمار والظهار والبيع الربوي وغيرها، أن الطبيعة مورد التحريم والمنع والزجر عن صيرورتها خارجية، فهي متكفلة لمنع المكلف عن إيجادها، وزجره عن الإتيان بها.
وعلى هذا يمكن الجمع بين الدليلين، فإن الدليل الثاني في موقف منع المكلفين عن الإيجاد، والدليل الأول في موقف إثبات الحكم على الموجود الباقي ببقاء العوضين في الاعتبار، فالدليل الثاني يمنع عن الانشاء والإبراز، والدليل الأول متكفل لحكم البارز والموجود، بإيجاب ترتيب الآثار عليه الملازم للرضا بالسبب بعد وجوده وإن كان غير راض بإيجاد السبب، ولعل إلى ذلك يرجع ما في بعض كلمات القوم (1)، مع قصور في تأدية مرامهم، والأمر سهل.
أقول: الأمر بحسب الإمكان كما تحرر، ولكن المراجعة إلى الأفهام العرفية في درك القوانين الإلهية، تعطي أن المستفاد من قياس أدلة التحريم إلى أدلة الإيجاب والتنفيذ، هو أن الشرع غير الراضي بإحداث السبب وبإيجاد القمار، وأن الشرع الساخط على البيع الربوي، لا يكون سخطه ومنعه منحصرا بالإيجاد وبمنع المكلف عن الإتيان بها، بل الظاهر هو المانع عن الإيجاد والوجود البقائي.
ولذلك قوينا على فرض تحريم التجسيم والتصوير، حرمة الاقتناء، قضاء لحق فهم العرف، وشهادة الوجدان بأن التفكيك أمر خارج عن حيطة الأفهام العادية (2).