عن حد الواضع ووضعه، فالكلام يكون حول هذا الاقتضاء، وأن النهي هل يكون له ذلك، أم لا؟ بعد مفروغية عدم كونه موضوعا للدلالة على الفساد.
ويوجه الدلالة: بأن القائل بأنه لا يدل، يكون منكرا للدلالة الوضعية، وهذا لا ينافي إثبات الفساد من ناحية البين بالمعنى الأعم، أو من جهات اخر عقلية، فلا يلزم أن يكون مدعي الفساد مستندا إلى دلالة النهي، حتى يتصرف في العنوان من هذه الجهة. بل لأحد أن ينكر دلالة النهي على الفساد، دون الأمور الأخر الخارجة عن محيط النهي وضعا، فافهم واغتنم.
هذا، ولا يتم جعل عنوان الكشف محط البحث، لما أنه - مد ظله - من المنكرين للكشف في الأوامر والنواهي، ويقول: إنها ليست إلا أعذارا عرفية وقاطعة الحجة في مقام الاحتجاجات العقلائية (1).
الثالثة: قد عرفت أن النزاع في معنى أعم من الفساد وعدم الاجزاء، فإن كل شئ اتصف بأنه فاسد فهو غير مجز عن المأمور به بأمره، بخلاف عنوان " غير المجزي " فإنه أعم منه، لما عرفت أن إجراء الحد بل إعطاء الخمس والزكاة وسائر الكفارات على غير الوجه المقرر الشرعي، لا يكون مجزيا، وربما لا يوصف بالفساد.
ولعل التذكية أيضا لا توصف به، مع أن حد البحث أعم قطعا يجئ في النهي عن الذبح بالعود، أو إلى غير القبلة، فعلى هذا لا بد من مراعاة هذه الجهات فيما هو عنوان البحث.
وغير خفي: أن جهة النزاع وإن كانت أعم أيضا من ناحية النهي أو ما يقوم مقامه كالجمل الإخبارية أو من قبيل الاجماع الكاشف عن الرأي من غير وجود النهي اللفظي، إلا أن مراعاة ذلك غير لازمة، لإمكان جعل موضوع البحث أخص، فتأمل.