من امكان الجعل فاذن ليس هنا الا أمر واحد تعلق بطبيعة الصلاة وانما القيود من خصوصيات المصاديق، إذ قوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) يدل على وجوب الطبيعة في هذا الوقت المضروب لها ثم دل دليل على اشتراطها بالطهارة المائية في حال الاختيار، واشتراطها بالترابية عند فقدانها بحيث يكون الماتى بالشرط الاضطراري نفس الطبيعة التي يأتيها المكلف بالشرط الاختياري بلا اختلاف في المتعلق والطبيعة والامر كما هو ظاهر قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) إلى أن قال سبحانه ولم تجدوا (ماء فتيمموا صعيد طيبا) فان ظاهرها ان الصلاة التي سبق ذكرها وشرطيتها بالطهارة المائية، يؤتى بها عند فقد الماء متيمما (بالصعيد) وانها في هذه الحالة عين ما تقدم أمرا و طبيعتا (وبالجملة) ان الكيفيات الطارية من خصوصيات المصاديق لامن مكثرات موضوع الامر ولا يكون للطبيعة المتقيدة بكيفية أمر، وبكيفية أخرى أمر آخر، والنزاع وقع في أن الاتيان بمصداق الاضطراري للطبيعة هل يوجب سقوط الامر عنها أولا وقس عليه الحال في الأوامر الظاهرية حرفا بحرف إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أن الكلام يقع في مواضع الأول ان الاتيان بالمأمور به الواقعي أو الاضطراري أو الظاهري يجزى عن التعبد به ثانيا لان الداعي إلى الامر هو اتيان المأمور به بماله من القيود والحدود فلا يعقل بعد حصوله بقاء الطلب وعدم سقوط الامر، وهذا من الأمور البديهية الفطرية لا يحتاج إلى إقامة برهان وان كنت حريصا على صوغه على صورة البرهان فنقول ان المكلف إذا حصل المأمور به على وجهه لم يبق معنى لبقاء البعث بعد حصول الفرض الذي هو علة الإرادة بماهيته إذ يكون حصوله موجبا لانقطاع أمد الإرادة والبعث، فلو بقيا بعد حصوله يلزم بقاء المعلول بلا علة واما ما اشتهر من جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر فلم نقف على معنى له محصل إذ لا نتصور تعدد الامتثال بالنسبة إلى أمر واحد كما مرت الإشارة إليه إذ الامتثال دائر امره بين الوجود والعدم فلو حصل الامتثال بفعله مرة فقد سقط امره ولا موضوع للامتثال ثانيا وان لم يحصل كما إذا كان الأول فاقدا لبعض الاجزاء والشرائط لم تصل النوبة إلى امتثال آخر فان قلت ربما يكون الغرض باقيا مع سقوط الامر كما لو أمر باحضار الماء وامتثل
(١٣٩)