وثانيا: بأن المتوسط في الأرض المغصوبة مضطر إلى الجامع، وما هو المرفوع هو حكم الخروج أو البقاء.
مدفوعة: بأن المحرم هنا هو الجامع وهو التصرف، والمتوسط يحرم عليه البقاء والخروج، لأجل أن كل واحد منهما تصرف، فيكون في الواقع التصرف حرام، وهو مورد الاضطرار.
وثالثا: بأن الاضطرار إذا كان بالغا إلى حد العجز لا يكون معنى للرفع، لأن الحكم مرتفع بالعجز، واستناده إليه أولى من استناده إلى الحديث، كما هو الواضح.
مدفوعة بما تحرر: من أن القدرة ليست من شرائط التكليف عقلا، ولا من مقتضيات التكليف عرفا (1)، والأولوية المزبورة ممنوعة، لأن الرفع بلحاظ الانشاء العام، فحديث الرفع وحكم العقل على السواء، فلا تخلط.
ورابعا: بأن الاضطرار إذا كان بسوء الاختيار، خارج عن منصرف هذه الأدلة الثانوية.
ممنوع: بأنه انصراف بلا وجه، لاحتمال وجود الملاك الأقوى الغالب وإن كان فيه تفويت أيضا، كما لا يخفى.
نعم، ربما يمكن استظهار اختصاص هذه الأدلة بصورة الاضطرار لا بسوء الاختيار، لما ورد من التقييد في الكتاب الإلهي في سورة المائدة: * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم) * (2) وفي سورة البقرة: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) * (3) بناء على شمول الآية لما نحن فيه، وتمام الكلام في مباحث البراءة (4) والفقه إن شاء الله تعالى.