أحدهما: أن سقوط الأمر معناه سقوطه عن الباعثية الإلزامية، وبقاؤه على باعثيته الندبية حسب القرائن الخارجية، وتفصيله في محله.
ثانيهما: أن للشرع اعتبار عدم سقوط الأمر، بداعي قيام العبد نحو المصداق الأتم، ويعتبر للمكلف اختيار كون المصداق المأتي به فردا ممتثلا به الأمر، أو عدم كونه كذلك.
فإذا اعتبر المصداق المزبور عدما أو مستحبيا - كما في أخبار الصلاة المعادة:
أنه إن شاء جعلها مستحبيا، وإن شاء جعلها فريضة - فإذا كان هو بالخيار في وعاء الاعتبار والادعاء لأغراض اخر، فلا بد أن يكون الامتثال تحت اختياره، فإن اختار امتثال الأمر التخييري بالأقل فهو، وإن اختار امتثاله بالأكثر فهو مصداق الممتثل به، ويترتب عليه الآثار، ولا نقصد من " اعتبار التخيير بين الأقل والأكثر " إلا ذلك (1).
فبالجملة: إذا حاسبنا حساب الأغراض والتكوين، وحصول الغرض تكوينا بحصول علته وسببه، فلا تخيير بين الأقل والأكثر، وأما إذا حاسبنا هذا النحو من الحساب، وتذكرنا أن المسألة من الاعتبار القابل للتوسعة والتضييق، حسب الأغراض الاخر، فلا بد من الالتزام بصحته، وترتب الآثار عليه.
نعم، نحتاج إلى القرينة القائمة عليه، وهي تكفل نفس الدليل للتخيير ظاهرا، فإنه ربما يشهد على أن المولى في هذا الموقف من الاعتبار، فتدبر واغتنم، وكن من الشاكرين.
ومما أومأنا إليه تبين: أن للمكلف اعتبار إفناء الأقل بعد الإتيان به، فيأتي بالزائد وجوبا، ويكون المأتي به جزء المأمور به والطرف الآخر، وكما صح تبديل الامتثال عقيب الامتثال بوجه، كذلك التخيير هنا ممكن بهذا المعنى، ونتيجة ذلك لزوم الإتيان بالطرف الآخر وجوبا، بناء على اعتباره، أو جواز ذلك.