ففي النظر إليها يظهر قلة وجود الفعل الكثير المبطل وعدم مدخلية الكثرة، وأن بعض الأبحاث في هذه المسألة لا يخلو عن شئ مثل: هل يشترط في الكثرة التوالي أم لا؟ وأن المرجع في القلة والكثرة إلى العادة، وأنه لا عبرة بالعدد، فقد يكون الكثير قليلا كحركة الأصابع، والقليل كثيرا كالطفرة الفاحشة (9).
انتهى.
وهو حسن، مع أن ما ذكروه من الرجوع في تحقيق الكثرة والقلة إلى العادة منظور فيه:
أولا: بما ذكره بعض الأصحاب من: أن ذلك متجه إن كان مستند الحكم النص. وليس كذلك، فإني لم أطلع على نص يتضمن أن الفعل الكثير مبطل، ولا ذكر نص في هذا الباب في شئ من كتب الاستدلال. فإذا مستند الحكم هو الاجماع، فيجب إناطة الحكم بمورد الاتفاق. فكل فعل ثبت الاتفاق. على كونه فعلا كثيرا كان مبطلا، ومتى ثبت أنه ليس بكثير فهو ليس بمبطلا، ومتى اشتبه الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلا، لأن اشتراط الصلاة بتركه يحتاج إلى دليل، بناء على أن الصلاة اسم للأركان مطلقا، فتكون هذه الأمور خارجة عن حقيقتها. ويحتمل البطلان لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه (2).
وثانيا: بأن العادة المحكوم بالرجوع إليها في ضبط الكثرة إن كان المراد بها ما يرادف العرف العام ففساده واضح، وإن كان المراد بها عرف المتشرعة فهو فرع ثبوته فهو في حيز المنع لو أريد بهم العلماء خاصة، لاختلافهم في الكثير المبطل. فبعض يبطل مما لا يبطل به الآخر، ومعه لا يحصل الحقيقة التي هي