وضعف الأخبار المانعة، إذ كما تضمنت جملة منها المنع عن التأخير كذا تضمنت ما هو صريح في الأفضلية، وصرفها إلى ما يوافقني المنع وإن أمكن، إلا أنه ليس بأولى من العكس، بل هو أولى من وجوه شتى، لموافقته الكتاب والأصل والشهرة العظيمة، مع تبديل النهي في بعض الأخبار المانعة ب " لا ينبغي " المشعر، بل الظاهر في الكراهة، وخبر: " آخره عفو الله " كالصريح في عدم حرمة التأخير بحيث يوجب العقاب، إذ لو أوجب وعاقب لما صدق مضمون الخبر.
فالمراد تأكد الاستحباب. ولا ينافيه الذنب، لا طلاقه على ترك كثير من المستحبات، كما ورد في النافلة: أن تركها معصية (1)، فبموجب ذلك انتفت الصراحة التي هي المناط في تخصيص العمومات وتقييد المطلقات.
هذا، وفي التهذيب: أنه إذا كان أول الوقت أفضل، ولم يكن هناك منع ولا عذر فإنه يجب فعلها فيه، ومتى لم يفعلها فيه استحق اللوم والتعنيف، وهو مرادنا بالوجوب لا استحقاق العقاب (2).
وفي النهاية: لا يجوز لمن ليس له عذر أن يؤخر الصلاة من أول وقتها إلى آخره مع الاختيار، فإن أخرها كان مهملا لفضيلة عظيمة وإن لم يستحق العقاب، لأن الله تعالى قد عفا له عن ذلك (3)، ونحوه عن القاضي في شرح الجمل (4).
وهذه العبارات صريحة في الموافقة للمشهور، مع تضمنها صيغة " لا يجوز ".
وبهذا يضعف القول بالمنع عن التأخير، وتظهر قوة احتمال إرادة المانعين منه ما يوافق المختار كما وقع في هذه العبارات.