فقدها، وإن الغرض من سوق الاستصحاب بحسب [الأنظار] العرفية [هو سوقه] على حسب أنظارهم في قضايا أنفسهم لا على حسب ما فهموا من القضايا الشرعية.
ولكن يمكن أن يقال: إن الظاهر من دليل الاستصحاب بعد ما كان سوقه لتوسعة القضايا الشرعية، فلا محيص من أن يكون النظر في مثله إلى مقتضى ما فهموا من الدليل الشرعي، وإلا فما هو مضمون قضاياهم مع فرض الجزم بمخالفتها [للقضايا] الشرعية [أجنبي] عن محط سوق الاستصحاب، وعليه فلا بد من جعل فهم العرف قرينة على التصرف في ظهور القضايا الشرعية على فرض العنوانية والقيد بإرادة العلية للحكم على وجه يكون المعروض نفس الذات، وذلك أيضا على فرض عدم مساعدة مسامحتهم في بقاء الموضوع مع إبقاء القضية على ظهورها، وإلا فلا يحتاج إلى التصرف فيها أصلا، نظرا إلى ما عرفت في وجه كون المناط على المسامحات في بقاء الموضوع في باب الاستصحاب.
ثم لا يخفى أيضا أن الاحتياج إلى بقاء الموضوع خارجا إنما هو في صورة كون الأثر مترتبا على مفاد " كان " الناقصة من اتصاف الموجود بوصف كذا، كالقائمية أو العادلية وأمثالهما، وإلا ففي صورة كون الأثر مترتبا على مفاد " كان " التامة من وجود الذات محضا أو الذات المقيد بالوصف أو الذات المحكوم بكونه كذا، بنحو يرجع معروض الوجوب المستصحب إلى مفاد الجمل التامة، فلا يحتاج في جميع تلك الصور إلى وجود الموضوع، بل ربما يجري الاستصحاب في وجود قيام زيد حتى مع الشك في بقاء زيد أيضا، إذ المستصحب في تمام تلك الصور هو وجود الماهية التي منها قيام زيد، ومن المعلوم ان الماهية بأي نحو كانت في عالم تفردها محفوظة، ويكفي في [اتحاد] القضية المتيقنة والمشكوكة - في أمثال تلك القضايا - هذا المقدار.