الغيري للأكثر براءة واشتغالا، فعليه [لا] يبقى للأقل إلا احتمال وجوبه نفسا، فهو أيضا تحت البراءة، ولازمه الأول إلى المخالفة القطعية، والعقل يأبى عن ذلك وحينئذ لا محيص في مقام الفرار عن المخالفة القطعية إلا بالاحتياط بإتيان الأكثر.
وتوهم أن العلم في المقام منحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل وشك بدوي مدفوع بأن العلم التفصيلي بوجوب الأقل المردد بين النفسي والغيري معلول العلم الاجمالي بوجوب نفسي بينهما، وبديهي أن العلم التفصيلي المتأخر رتبة كالمتأخر زمانا غير صالح لحل العلم - على ما شرحناه في بحث الانحلال - فقهرا يؤثر العلم الاجمالي في الرتبة السابقة أثره.
وتوضيح الضعف في هذا الوجه أيضا يظهر بالمراجعة إلى بحث وجوب الأجزاء في بحث مقدمة الواجب، وأن التحقيق فيها أيضا كون الأجزاء واجبة بعين وجوب الكل بلا مغايرة بينهما بالنفسية والغيرية، وحينئذ لا قصور في جريان قواعد الانحلال في المقام، فلا يبقى مجال توهم انتهاء الأمر إلى المخالفة القطعية بالبراءة عن الأكثر.
وبالجملة لا مجال للمصير إلى الاحتياط بإتيان الأكثر بمثل هذه الوجوه.
نعم هنا تقريب آخر منسوب إلى الفصول (1) وهو [أمتن] التقريبات وهو:
أن الاشتغال بالأقل يقتضي الفراغ اليقيني عنه، وهو لا يحصل إلا بإتيان الأكثر، إذ لو ترك الأكثر واحتمل وجوبه لا يكاد يحصل الفراغ عن الأقل، بل الأقل حينئذ يبقى على وجوبه. نعم يحتمل الفراغ عنه باحتمال وجوبه نفسا، ولكن اشتغال الذمة اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، ولا يكفي فيه [احتمال] الفراغ، كما هو ظاهر.