مثل ذلك أيضا ممنوع صغرى وكبرى. كيف! وقد صار جواب مثل هذه الشبهة من قبيل البديهيات الأولية لاشتهار أن ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم.
وما ترى من ديدن الحيوانات في مقام [رجوعها] إلى [محالها] فليس ذلك من جهة حكم عقولها ببقاء [محالها] ظنا بضميمة [حكمها] باتباع هذا الظن، بل من جهة [غفلتها] عن الجهات المزاحمة، لقصور أنفسها عن درك مثل هذه الجهات، فلا جرم [تكون باقية] على [قطعها بمحالها] الموجب للحركة على وفقه [بتخيلها]، نظير [خوفها] من المحسوسات. فهذه الحركات غير مرتبطة بعالم القوة العاقلة المخزونة في النفوس الانسانية الموجبة لترجيح [بعض] الاحتمالات على بعض. فلا مجال حينئذ لجعل حركة الحيوانات بحسب الظاهر على الحالات السابقة مقياس بناء الانسان عليها، وجعله من [العقليات الارتكازية] أو الجبليات الطبيعية غير القابلة للردع أبدا.
وحينئذ لم يبق في البين دليل إلا الأخبار الخاصة المشتملة على بعض التعليلات الموجبة للتعدي إلى غير موردها. فينبغي حينئذ عطف عنان [القلم] إلى ذكرها، إذ هي العمدة في الباب، ثم التكلم في مقدار دلالتها إطلاقا و [تقييدا]، فنقول:
إن من جملتها مضمرة زرارة، قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال: يا زرارة، قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن. فإذا نامت العين والاذن فقد وجب الوضوء. قلت: فإن حرك في جنبه شئ وهو لا يعلم؟ قال: لا، حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجئ من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك أبدا ولكنه ينقضه بيقين آخر... (1).