حجية مثبته بهذا المقدار، ولكن ليس ذلك من جهة قصور في انطباق موضوع التنزيل على المورد - كما هو الشأن في الأصول - وإنما هو من جهة قصور في جريان الدليل بالنسبة إلى تمام موضوعه من الحكاية المزبورة.
ولعل من هذا الباب عدم حجية أصالة الصحة في فعل الغير مع كونها من الامارات الراجعة إلى اعتبار ظهور حال المسلم في إثبات [لوازمها وملزوماتها] وإنما [ينحصر] أمر [حجيتها] بالنسبة إلى ترتيب [مالها] من أحكام صحته و [آثارها]، لعدم قيام السيرة على أزيد من ذلك.
ومن تلك الجهة ظهر لك مطلب آخر من أن مجرد اعتبار الشئ من باب الكاشفية والأمارية غير ملازم لحجية [مثبته]، وإنما هو تابع اقتضاء دليل تنزيل [حكايته] لأي مقدار من ذلك كما هو ظاهر.
ثم إن قصور أدلة التنزيل عن الشمول للآثار الشرعية بتوسيط العقلية والعادية إنما هو في صورة عدم خفاء الواسطة، وإلا ففي هذه الصورة لا قصور لأدلة التنزيل في شمولها بكل واحد من التقريبات السابقة. ولعله من هذا الباب بناؤهم على إجراء أصالة عدم وجود المانع في صورة الشك في أصل وجوده في مجال [الطهارات] الثلاث، إذ مثل هذا العنوان لا يكاد يترتب عليه إلا بتوسيط الأمر العادي من ملازمته مع وصول الماء أو التراب إلى المحل إلا أنه لخفائه لم يكن ملحوظا فيجري الأصل لاثبات صحة الطهور.
ولا يرد عليه النقض بصورة الشك في مانعية الموجود حيث إن بناءهم على الالتفات إليه مع خفاء الواسطة فيه أيضا، وذلك لأن الشك في وصول الماء مسبب عن الشكين، وإجراء الأصل في أصل وجوده بنحو مفاد كان التامة لا يرفع الشك عن مانعية الموجود بنحو مفاد كان الناقصة، وهذا الشك أيضا كاف في صحة الوضوء وغيره بلا أصل يرفعه.