وعلى هذا التقدير فهل هو علة لخصوص المخالفة القطعية المانع عن جريان الأصول النافية بالنسبة إلى الطرفين، وباق على اقتضائه بالنسبة إلى الموافقة القطعية - الموجب لجريان الأصل النافي في أحد الطرفين بلا معارض، وأن الباعث على سقوط الأصول المزبورة بالمرة مجرد تعارضهما - أم كان بالنسبة إلى الموافقة القطعية أيضا علة الموجب لعدم جريان الأصل النافي في كل واحد من الطرفين ولو بلا معارض؟
وقبل الشروع في المقصد ينبغي أولا دفع توهم عدم جريان أدلة الترخيص الظاهري في أطراف العلم الاجمالي بذاته مع قطع النظر عن مانعية العلم الاجمالي.
و [عمدة] وجه التوهم المزبور خيال معارضة صدر كل رواية مع [ذيلها] أو [منطوقها] مع [مفهومها].
ودفع هذه الشبهة في غاية الوضوح، إذ - مع الغمض عن منع المفهوم في ما لا ذيل له كحديث الرفع وأمثاله - أن الذيل والمفهوم آبيان عن جعل حكم على خلاف الصدر والمنطوق، بل هو موكول إلى نظر العقل في كلية العلوم.
فلو فرض حينئذ حكم العقل بالاقتضاء بالنسبة إلى الموافقة أو المخالفة لا يمنع الذيل عن إطلاق الصدر، فحينئذ لولا جهة أخرى [تمنع عن الشمول] لأطراف العلم فلا قصور حينئذ [في نفسها] (1) عن الشمول للمورد، وإنما الإشكال في مانعية العلم للشمول.
نعم لو قيل: بأن الغاية في دليل الترخيص أعم من العلم الاجمالي أمكن دعوى أن مقتضى الغاية رفع الترخيص عن المشكوك بمحض حصول العلم الاجمالي، وفي هذا المقدار كان لتصرف الشارع مجال، إذ له أن يجعل العلم