وأما بناء على جواز إبراز الكلام على خلاف المرام بلا قرينة - كما أشرنا إليه في المبحث السابق من الدوران بين النسخ والتخصيص - فلا يقتضي مجرد عدم القرينة على المجاز إرادة الحقيقة حتى بإرادة استعمالية فضلا عن الجدية، وان كان لدعوى الارتكاز في عدم كون استعمال اللفظ مع شدة ارتباطه بمفهومه ومعناه عاريا عن معناه حين الاستعمال مجال.
وإلى ذلك أيضا نظر من فكك (1) بين الإرادة الاستعمالية والجدية، لا بمقتضى أصالة الحقيقة المزبورة كي يقال بعدم [ترتب] أثر عملي على مفاد هذا الأصل كما لا يخفى.
وحينئذ كيف [تغني] أصالة عدم القرينة في استكشاف الحقيقة؟ بل لا بد من تأسيس أصل آخر من أنه مع عدم القرينة، لو شك في إرادة الحقيقة أم لا، الأصل يقتضي إرادة الحقيقة [جدا أم لا]؟ وحينئذ يصير [أصل] عدم القرينة [منقح] موضوع الأصل الوجودي، لا أنه [مغن] عنه، كي يصير مرجع الأصل الوجودي إلى العدمي.
نعم هنا شئ آخر هو أن في الأصل الوجودي [هل] يكفي الشك في إرادة الحقيقة محضا، ولو لم يكن للفظ ظهور فعلي في المراد، ولو من جهة اتصال الكلام بما يصلح للقرينية من جهة الشك في قرينية الموجود؟ [أو] لا يكفي هذا المقدار؟
بل المدار في الحجية على الظهور الفعلي، ولو في المعنى المجازي الملازم لعدم الحجية عند الاتصال بمشكوك [القرينية].