الذي صار العبد بصراط [تفويته] وتعدده، فلا يجدي حينئذ طول الطغيان في كثرة الاستحقاق مع وحدة الغرض ولا قصره في قلته مع تعدد الغرض.
وبالجملة نقول: إن الحق هو كون التجري كالانقياد موجبا للعقاب استحقاقا من حين الشروع في المقدمة من عزمه إلى آخر العمل، بلا ورود محذور عليه.
ولعمري إن عمدة الوجه في التزامهم بهذه المسالك ليس إلا من جهة الفرار عن شبهة الانقلاب، حيث صار مثل هذه الشبهة مغروسا في أذهانهم، فالتزم كل طائفة في دفعه بما التزم.
وبعد ما عرفت دفع الشبهة بما لا مزيد عليه، لا وجه لرفع اليد عما يقتضيه الطبع السليم والذوق المستقيم. وهذا المقدار من الوجدان - أيضا - كاف للمدعى، بلا احتياج إلى البرهان المعروف، كي يجاب بأن عدم العقوبة لأمر غير [اختياري] ليس بقبيح.
[حكم التجري شرعا] ثم إنه لو بنينا على عدم الاستحقاق على الفعل، يبقى الكلام في المقام الثاني من قابلية العمل للحرمة الشرعية و [عدمها].
أقول: مع الالتزام باقتضاء مبغوضية العمل محذور انقلاب الواقع ولو في عالم المحبوبية، كما هو المغروس في أذهان هؤلاء الجماعة لا مجال لحرمته شرعا، حتى على توهم عدم اقتضاء التجري غير سوء سريرة الفاعل، لاقتضاء الحرمة المزبورة - أيضا - انقلاب الواقع.
نعم: بناء على عدم كون مبنى عدم الاستحقاق شبهة الانقلاب، أمكن القول بالتفصيل بين هذه الأقوال في هذه الجهة، وأنه على مذهب سوء السريرة:
لا بأس بحرمة العمل شرعا، لعدم قصور في إعمال الجهة المولوية حينئذ، ولكن ذلك على فرض وجود مقتض من الخارج، وإلا فنفس التجري كما لا يقتضي