[المقالة الثالثة والعشرون] [قاعدة نفي الضرر] قد اشتهر في ألسن الفقهاء تمسكهم بقاعدة [نفي] الضرر في كثير من الموارد حتى [صارت] بين المعاصرين من القواعد المسلمة الفقهية كسائر [قواعد الفقه] العامة، فلذا ينبغي تنقيح الكلام فيها [في] جهات كي ينكشف الظلام عن وجه الأوهام فنقول: هنا مقامات:
المقام الأول: إن الضرر ضد النفع، وتقابلهما من قبيل العدم والملكة، فلا يصلح إطلاق الضرر إلا في مورد قابل لإطلاق النفع في قباله.
فبالنسبة إلى نقص الانتفاع من المباحات الأصلية لا يطلق عليه الضرر، بل الضرر نحو نقص له مساس إلى الشخص حقا أو مالا أو بدنا أو عرضا أو سياسة. نعم رب مورد يكون [فيه] للإنسان مساس بالمباحات الأصلية فيصدق بالنسبة إليه أيضا النفع والضرر. وحينئذ مرجع الضرر إلى النقص من جهة راجعة إلى الشخص، كما أن مرجع النفع إلى زيادة كذلك.
وأما الضرار فهو مصدر باب المفاعلة، وأريد منه [الإصرار] على الضرر، كما يشهد له قوله (صلى الله عليه وآله): " إنك رجل مضار " بعد [إصراره]. ومنه أيضا المطالب والمسافر والمحامي حيث استعملت الهيئة في تكرار المبدأ وامتداده. وقد يتحقق